جيفري: الفترة القادمة ستشهد تضاؤل نفوذ الحزب وتراجعه
كشفت مصادر أميركية أن السبب الرئيسي الذي دفع حزب الله إلى اتخاذ قرار بسحب عدد كبير من جنوده من سورية، يعود للضغوط التي مارستها الدول الخليجية على بيروت، مشيرة إلى أن الرئيس اللبناني ميشال سليمان أبلغ قادة الحزب أن بلاده باتت تدفع ثمناً فادحاً لذلك التدخل، وأنه من الضروري أن يقوم الحزب بسحب جنوده من سورية ويمتثل لقرار النأي بالنفس عن التدخل في الصراع السوري الذي اتخذته الحكومة.
وأضافت المصادر، أن بيروت فقدت جزءاً كبيراً من الموارد التي كانت تتمتع بها من وجود السياح العرب فيها، وهو ما تعتمد عليه ميزانية البلاد بشكل رئيسي، منوهة بالدعم المباشر وغير المباشر الذي تقدمه دول الخليج للبنان، وأن استمرار فقدان ذلك الدعم من شأنه أن يعطِّل الحياة في لبنان بصورة تامة.
وكانت واشنطن تقدمت بطلب مماثل لسليمان، حيث حذره وزير الخارجية الأميركي جون كيري من مغبة تجاهل ممارسات حزب الله في سورية، مما دعاه إلى الإعلان الأسبوع الماضي عبر حوار مع قناة بي بي سي البريطانية أن كافة الأطراف بصدد العودة عن التدخل في الصراع السوري، عن طريق سحب المقاتلين من سورية ومنع عبور المقاتلين إليها، مبينا أن بلاده كانت قد اتخذت في بداية اندلاع الصراع قرارا بالوقوف على الحياد، وأنه قام بجولة في دول الخليج لإعلان هذا الموقف.
وأضاف للأسف لم يتم الامتثال لهذا الموقف، وحدثت تجاوزات وخروجات من كافة الأطراف وحدث تدخل في الأزمة السورية خلق توتراً في لبنان. ودعا المجتمع الدولي إلى دعم لبنان لمواجهة تدفق الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين الذين قال إنهم بلغوا أكثر من 15% من إجمالي عدد السكان.
وتابع نتعامل مع الضغوط الواقعة علينا عن طريق قدرات الدولة المحدودة وتضحيات المواطنين والمجتمعات المحلية. لكن ذلك أدى إلى انعكاسات سالبة على الاقتصاد والأمن والوضع الاجتماعي.
من جانبه، قال المحلل السياسي نيكولاس جيفري لـالوطن إن لبنان يعتمد بشكل تام على ما تقدمه دول الخليج له من مساعدات تساهم بشكل كبير في الميزانية. وأضاف الضغوط المكثفة التي قامت بها دول الخليج أرغمت بيروت على دفع حزب الله إلى الخروج من الأزمة السورية. وهو موقف قوي لا يمكن لسليمان أن يتجاهله. كذلك فإن قرار مقاطعة الدول العربية للحزب والمتعاطفين معه مالياً والتضييق عليه، ومنعه من العمل في أراضيها ستكون له آثار إضافية مدمرة ستظهر في المستقبل القريب، لاسيما في ظل الضغوط التي تتعرض لها إيران، الداعم الأكبر للحزب والممول الرئيسي له، وعدم قدرتها على دعمه بسبب الصعوبات التي تواجهها جراء العقوبات الاقتصادية التي يفرضها عليها المجتمع الدولي، مما سيؤدي بدوره إلى تضاؤل نفوذ الحزب في المستقبل وتقييد قدرته على الحركة.
وأضاف قائلاً لم تجد مشاركة الحزب المكشوفة بالوقوف إلى جانب النظام السوري معارضة خارجية فقط، بل انتقدتها أطراف داخلية نافذة، مشيراً إلى ما قاله الشيخ صبحي الطفيلي، الذي كان زعيما للحزب من عام 1989 إلى عام 1991 من أن هذا التدخل هو سقطة كبيرة فرضتها طهران على حسن نصر الله. وقال الطفيلي الذي اختلف مع إيران وخرج من الحزب إنه يعرف بحكم منصبه السابق أن قرار التدخل في الشأن السوري إيراني 100%، وإن نصر الله لم يكن بيده معارضة القرار، لأن البديل كان خوض مواجهة مع الإيرانيين.
وكانت صحيفة التايمز البريطانية كشفت أول من أمس أن حزب الله قرر تقليص عدد مقاتليه في سورية، تمهيداً لسحبهم بشكل تام. وقالت إن ذلك يعود إلى ضغوط الحكومة اللبنانية والشارع العربي، حيث بدأ الحزب يتعرض لانتقادات من مناهضي النظام السوري في البلدان العربية. ونقلت عن قياديين بالحزب قولهم إن هذا القرار هو خطوة تكتيكية أملتها الظروف على الأرض.