معاناة الحكام في رياضتنا لا تنتهي، بل ربما تزيد على صعيد السب والتشكيك وتأخر المستحقات.
وكان الشغل الشاغل في الشهرين الماضيين أن يتجاوب اتحاد القدم مع المطالبات والضغوط بزيادة عدد الحكام الأجانب، لكنه اتخذ الحل الأمثل بفرصة جلب حكام خليجيين في المباريات التي يحق فيها للأندية طلب حكام غير سعوديين، كون تكلفة الخليجيين أقل من (ثلث) ما يصرف على الأوروبيين.
وفي هذا الصدد، الهلال فقط استنفذ حصته في طلب حكام أجانب، وبعض الأندية طلبت في مباراة واحدة، وهناك أندية تطالب بالحكم الأجنبي ولكنها لا تدفع قيمة إحضاره..!!
وبالتالي جاء قرار اتحاد القدم متوازنا بعدم التأثير نفسيا على الحكم السعودي، وفي المقابل عدم إرهاق الأندية ماديا، كون وجود حكم (غير سعودي) يبطل حجج الاتهامات ويبدد التصريحات المسيئة.
وأمام هذه القضية المتشعبة وما يعانيه رئيس لجنة الحكام عمر المهنا الذي يواجه ضغوطا لا حصر لها، حضر أحمد عيد رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الاجتماع الشهري (المغلق) عن الإعلام أول من أمس، بغرض التأكيد على دعمه للجنة وللحكام، وما إن بدأ الاجتماع إلا وانهمرت (دموع) المهنا كتعبير صادق ومعبر جدا عن مدى أهمية دعم (الرئيس) ومجلس إدارة الاتحاد له وتعزيز الثقة في رئيس لجنة الحكام، وفي الحكام، والأهم عدم التجاوب مع لغة التشكيك والاتهامات التي يتبارى فيها كثيرون من مسؤولي الأندية والنقاد.
المهنا الذي قاوم كثيرا لم يجد سوى (الدموع) التي ربما تعبر عن (قهر) يؤجج مشاعره ويضيق به صدره طويلا وخصوصا مع تنامي التشكيك والأخبار المغلوطة والانتقادات الجارحة في وقت يتعامل فيه بشفافية ووضوح.
وبالتأكيد، كان لحديث أحمد عيد أمام الحكام وقع خاص في نفس رئيسهم، وهو الذي فاز بالانتخاب بعد نجاح في تجربته الأولى، ويتعامل معهم يوميا ويحافظ عليهم ويدافع عنهم ويعاقبهم بسواسية وفق آلية واضحة لمصلحة التحكيم.
أما الشق الثاني فيتعلق بـ(تهديد) الحكم الدولي مرعي العواجي (باسم زملائه) أنه في حالة استقال (رئيسهم) عمر المهنا بسبب (التجاوب مع الضغوطات وزيادة عدد الحكام الأجانب) فإن القرار (الجماعي) للحكام الدوليين هو (الاعتزال)..!!
وحقيقة، لم أكن أتمنى أن تكون ردة الفعل بهذا المستوى، فتبعات مثل هذا القرار خطيرة جدا على الكرة السعودية وعلى أمانة وقيمة الحكم السعودي، ولو أن الرئيس غير أحمد عيد ربما اتخذ قرارا خطيرا بحق مرعي ومن يؤيده أو من دفعه لهذا التهديد، الذي بالتأكيد منبعه الحرص على رئيسهم والدفاع عن حقوق الحكام جميعا في ظل تكالب الغالبية ضدهم، وبالتالي إذا انضم (مجلس إدارة اتحاد القدم) مع قوم التشكيك والاتهامات، فعلى الحكام السلام، هذا ما أفهمه من ردة فعل الحكام على لسان مرعي.
وكنت أتمنى أن يسود الحوار الإقناع بمعاناتهم من زيادة عدد الحكام الأجانب، علما أن كثيرين يرونها إيجابية في بعض المباريات مثلما حدث في نهائي كأس ولي العهد بقرار من اتحاد القدم.
الجميل في الأمر أن (الرياضي) أحمد عيد تفهم الأمر ولم تكن ردة فعله غاضبة أو عاصفة، وهو دائما يتسم بالهدوء.
وأتمنى أن يكون مثل هذا الموقف درسا لجميع الحكام بعدم تصعيد الأمور بما قد يقلب الأوضاع رأسا على عقب.
لعل ما يثبت حرص أحمد عيد على الحكام، زيارته لوزير الثقافة والإعلام الذي وعد باتخاذ ما يلزم حيال ما يحدث في مختلف وسائل الإعلام بحق كرامة وأمانة الحكام وما يؤثر على حياتهم، والأمل كبير أن يتم التنفيذ سريعا.