كنت في المدرج في مباراة النهائي الكبير الذي جمع النصر مع غريمه الهلال. لم أدخل ملعبا في حياتي سوى ثلاث مرات عدا المرات التي عملت فيها صحفيا رياضيا لتغطية مباريات المنتخب. كانت هذه المرة الرابعة. سافرت من جدة إلى الرياض لدخول الملعب. طبعا كانت النية دعما للنصر المتحفز والمختلف هذا الموسم، لكن الهدف الكبير هو مشاهدة الجماهير والاستمتاع بالدهشة.
جماهير النصر قدمت هذا العام نموذجا جديدا في عالم التشجيع والمؤازرة. يمكن أن نقول إنها أحدثت نقلة في علاقة الإنسان بكرة القدم في العالم العربي ككل. غيرت الكثير من مفاهيم الحضور، ولأول مرة يدخل التيفو رسميا للملاعب السعودية، وهذا ما فعلته جماهير النصر. هذه الجماهير غابت عن البطولات سنوات طويلة، لكنها حين عادت، أعادت الحياة للرياضة، وأدخلت عليها شيئا من الفلسفة الجديدة.
جماهير الهلال كانت حاضرة في الملعب، وهذا أمر طبيعي، فالهلال لم يغب عن البطولات وجمهوره حاضر دائما، لكن جمهور النصر طغى على الصورة وحضر كأن فريقه حصد بطولات الموسم المنصرم والذي قبله. حضر كأن السنين العجاف لم تزده إلا حبا وجماهيرية. حضر جمهور الوفاء قبل ذلك على تويتر، فقلب الدنيا رأسا على عقب، وأصبحت متصدر لا تكلمني حديث الأرض.
اليوم لا شيء يعلو على النصر، ولا حديث يطغى على حديث النصر. الإعلام وجد مادة خصبة لتناولها ومتابعتها وبيعها. الشعراء والفنانون انطلقوا يتغنون في النصر، كأنه لا فريق غيره. المجتمع متفاعل مع النصر بشكل عجيب لم يحدث من قبل وربما لن يتكرر، تقريبا كل شيء توقف وبقي النصر المتحرك الوحيد كحدث كبير،
ولإدارة النصر دور في إعادته إلى الواجهة.