وصول ارتفاع الأسعار إلى المواد الغذائية الأساسية كالأرز، وبنسب عالية، يستدعي التدخل بقوة؛ إما بزيادة دعمها، أو بالبحث عن مصدرين جدد، أو حتى عن طريق خطط طويلة المدى باستزراع مساحات شاسعة في دول عربية أو صديقة

عندما نشرت الصحف الأسبوع الماضي خبر ارتفاع أسعار الأرز بنسبة 10% صرخ أحدهم: إلا الرز.. وهذا يكشف لنا ما نعرفه جميعاً عن مجتمعنا الذي لا يمكن أن تجد منزلاً فيه يتخلى عن الكبسة يوماً واحداً على مدار العام، ويتوقف على ذلك استنزاف الرز جزءاً كبيراً من ميزانية العائلة، ثم يأتي هذا الارتفاع بنسبة 10% ليستنزف جزءاً كبيراً من الميزانية، مما يستدعي التوقف عند هذه القضية وإيجاد الحل المناسب لها.
وبالرغم من أن هذا الارتفاع يأتي ضمن ارتفاع الأسعار والغلاء الذي تشهده كافة السلع، إلا أن ارتفاع الأرز يتمتع بخصوصية يجب التوقف عندها.
أولاً: لأن الارتفاع يأتي بنسبة كبيرة وثانياً: ما ذكرته من أن هذه السلعة الغذائية نفسها تتمتع بخصوصية في مجتمعنا السعودي بحكم أن الأرز هو الوجبة الرئيسة لكل بيت في المملكة العربية السعودية.. المجتمع يصرخ ويصرخ بسبب ارتفاع الأسعار.. ويرى أمامه نتيجة واحدة هي: استمرار الارتفاع في السلع الأساسية وغير الأساسية مما يرهق ميزانياته.. وليس أمامه إلا الدفع.. نحن نكتب لنحاول المساعدة وليس بهدف النقد، ونقول إن وزارة التجارة ـ فيما يبدو ـ ليس لديها من الإمكانيات ما تستطيع به وقف الجشع الذي نراه أمامنا عياناً بياناً في الارتفاع المتواصل للأسعار..
إن صراخ المواطنين وعويلهم وشكواهم من الارتفاع المحموم في الأسعار لم يجد الاستجابة بالدرجة التي يطمح لها.. وقد يقول المواطن يا معالي وزير التجارة إنه في الإمكان تحمل ارتفاع بعض السلع، إما بالاستغناء عنها، أو بالبديل عنها أو بالتقليل منها.. لكن أن يصل الارتفاع إلى المواد الغذائية الأساسية وبنسب عالية فهذا يستدعي التدخل بقوة؛ إما بزيادة دعمها، أو بالبحث عن مصدرين جدد، أو حتى عن طريق خطط طويلة المدى باستزراع مساحات شاسعة في دول عربية أو صديقة، ونحن نملك الإمكانات لعمل ذلك، وأستغرب البطء في تنفيذه.. وهنا نسأل يا معالي الوزير: كم من وقتكم ووقت معاونيكم وخبرائكم يستنزفه التفكير والمناقشة والتخطيط والدراسة لقضية الأسعار؟ وبعبارات أخرى: هل تستنزف هذه القضية ما تستحقه من الوقت في التفكير والمناقشة والتخطيط والدراسة؟ وإذا كانت الإجابة بالإيجاب فأين النتائج؟ كثير من مسؤولينا يتحدثون عن الخطط والبرامج والقرارات والوقت الكبير الذي بذل في التصدي لمشكلة أو قضية ما، وكأن الوقت الذي بُذل والخطط والدراسات هي الإنجاز الحقيقي.. وهذه مشكلة كبيرة تعاني منها كل وزاراتنا ومؤسساتنا وإداراتنا.. والصحيح أن كل ذلك ليس إنجازاً وليس هدفاً إنما هي وسائل لتحقيق الأهداف.. فإذا لم تكن هناك شواهد وأدلة وأمثلة على تحقق الأهداف، فإن كل ذلك مضيعة للوقت والجهد والمال.. تريدون الدليل.. خذوه بالشواهد: اقرؤوا تصريحات المسؤولين تجدوها في الغالب الأعم قصصا جميلة وعبارات بليغة بعدد الاجتماعات أو الدراسات أو الخطط أو سرد الإنجازات دون شواهد بأن تلك الإنجازات تحقق الأهداف.. والتفاصيل كثيرة ولا أرغب في الخوض فيها.. بل الأدهى الدفاع المستميت عن الإنجازات، وأيضاً بقصص جميلة وعبارات بليغة دون سرد الشواهد والأدلة والأمثلة.. يا معالي الوزير ونحن نتحدث هنا عن وزارة التجارة نقول إنه لا يكفي أن يكون لديكم عدد كبير من المراقبين.. ولا يكفي أن يكون لديكم خطط لتكريس التنافس.. نريد نتائج.. المواطن يلمس أن الأسعار لا زالت تحلق. وأن الجشعين لا زالت لهم اليد الأطول في الميدان وليس مراقبيكم.. ونسأل هل الأمر أكبر من وزارتكم ويتطلب عرضه على ولي الأمر؟ إذاً لماذا تأخرتم في عرضه؟ نحن من الذين يشهدون لكم بالإخلاص والتفاني والحرص والعمل الدؤوب.. لكن هذه كلها يا معالي الوزير عواطف لا تنفعنا ولا تخدمكم.. نريد إنجازاً يكبح جماح ارتفاع الأسعار.. نريد إنجازاً يوقف الجشعين عند حدودهم.. نريد إنجازاً يحمي ميزانيات العائلات من الأيادي الجشعة التي تتطاول عليها بغير وجه حق.. نعرف يا معالي الوزير أنكم تعملون ولا أريد أن يفهم من هذا المقال أنكم لا تدركون القضايا وتعملون عليها لكن المشكلة أننا لا نرى نتائج تحمي المواطن.. وآخرها الارتفاع المحموم في أسعار أهم سلعة غذائية.. ولا تفكر يا معالي الوزير أنني من أكلة الرز بنهم، قد أكون من أقل المستهلكين له لكنني أتحدث عن قضية مجتمعية تخص كل شرائح المجتمع، وبالذات الشرائح الأكثر احتياجاً لحمايتكم بعد الله من الجشع والارتفاع المحموم في الأسعار.. المواطن يريد أن تدنو منه وتتحسس مشكلاته البسيطة.. وتأخذ على أيدي الجشعين المتلاعبين في الأسعار، أو تقترح حلولا تساعد المواطن على مواجهة معاناته من هذه الأسعار إن كانت الأسعار حقيقية ولا مغالاة فيها. ولن تُعدموا الوسيلة التي تحقق ذلك لاقتراحها على ولي الأمر الذي يعرف كل مواطن أنه صادق في حبه لمواطنيه ويريد لهم الحياة الكريمة.
خلاصة القول يا معالي الوزير: هل الرقابة كافية وهل نجحت خططكم وبرامجكم في الحد من ارتفاع الأسعار وحققت أهدافها؟
ونسأل عن العقوبات التي يتم تطبيقها هل شملت كل من تجاوز؟ وهل طبقت العقوبات على كل من تم كشفه؟ إننا متأكدون أنك أهلٌ للتصدي لهذه القضية وإيجاد حلول عاجلة لها.. ولهذا نحن نريد أن نعينك بعد الله بالقول: إن بعض التقارير التي تعد هي من قبيل القصص الجميلة التي لا تستند إلى شواهد وأدلة.. وإن بعض التقارير تُزين بالألوان والرسومات البيانية والتخطيطات المزركشة والأغلفة الفاخرة. بهدف مظهرها الخارجي فقط. ونقول بأدب شديد إن محتواها قد لا يكشف الحقيقة.. ومثل هذه التقارير حتى وإن صدرت من مكتب من نثق به من المعاونين إلا أن معديها (قد) يكونون كتبوها على طاولة الطعام.. لا من الميدان ..نريد منك التثبت من ذلك.
يا معالي الوزير أمل وطنك وقيادتك ومواطنيك كبير فيك وأنت إن شاء الله في مستوى هذا الأمل. وفقك الله والسلام عليك.