على المتضررين من كبار السن والمتقاعدين على وجه الخصوص ممن تجاوز الستين وترفضهم شركات التأمين، رفع شكواهم إلى مجلس الضمان الصحي، فهم أصحاب حق وعدم تقديم الشكوى يعني التنازل

تتعسف بعض شركات التأمين التعاوني الصحي في غير حقها عندما ترفض التأمين على شريحة المتقاعدين ممن تجاوزوا سن الستين والخمسة والستين عاماً، وتضع بعض شركات التأمين الصحي شروطا تعجيزية على المؤمن عليهم من هذه الفئة مثل رفض التأمين على من يعاني من أمراض مزمنة أو أجرى عمليات سابقة مثل عمليات القلب والكبد والكلى وغيرها.
وتستغل بعض الشركات الظرف وترفض قبول تحمل بعض فواتير العلاج من خارج المملكة، أو قيمة عمليات، أو علاج متخصص داخل المملكة، أو دفع فواتير أدوية دورية. ورغم أن الدولة ممثلة في مجلس الضمان الصحي قد وضعت الأنظمة واللوائح المنظمة لعمل شركات التأمين التعاوني وفرضت عليها بعض الشروط، وألزمتها باتباع الأنظمة في بوالص التأمين الصحي، ومنها المادة التي تنص على أنه لا يحق لأي من شركات التأمين رفض العلاج لكبار السن المؤمن لهم، أو المستفدين وذلك وفقاً للأنظمة والقوانين الدولية، والتي تنص بأنه لا يجوز تحديد حد أعلى لعمر المؤمن له أو المستفيد من الخدمة التأمينية، كما أنه حسب الأنظمة واللوائح والتشريعات لا يحق لأي شركة تأمين رفض التأمين الصحي للأمراض المزمنة السابقة لإصدار البوليصة للمؤمن عليه.
ولكن على المؤمن عليه الإفصاح عن جميع الأمراض والعمليات السابقة قبل توقيع البوليصة مع شركة التأمين، وعدم الإفصاح يعني فقدان أحد شروط الاتفاق للبوليصة وتعد لاغية أو للشركة الحق في مراجعة البوليصة أو رفض العلاج، وتأكيداً على إلغاء شرط تحديد السن للمؤمن عليه، فإن قرار مجلس الضمان الصحي التعاوني قد ألزم شركات التأمين بقبول جميع فئات العمر، حيث تم إلغاء شرط العمر من الوثيقة وجاء ذلك في جلسة المجلس رقم (69) عام 2009، وعليه فإن شركات التأمين الصحي التعاوني التي ترفض التأمين على فئة الأكثر من ستين عاماً تعد مخالفة للأنظمة والقوانين.
وعلى المتضررين من كبار السن والمتقاعدين على وجه الخصوص ممن تجاوز الستين رفع شكواهم إلى مجلس الضمان الصحي فهم أصحاب حق وعدم تقديم الشكوى يعني التنازل عن الحق.
وعلى شركات التأمين الالتزام بالنظام واللوائح المنظمة، وإلا سيكونون عرضة لتطبيق الأنظمة الجزائية عليهم. وإن اللجوء إلى رفع قيمة البوليصة على كبار السن والتي وصلت في بعض الشركات إلى عشرة وخمسة عشر ألف ريال سنوياً يعد استغلالا لا مبرر له، وعلى مجلس الضمان الصحي التدخل لحماية فئة كبار السن فوق الستين.
إن أكبر فئة تواجه هذه القضية هي فئة المتقاعدين في الدولة سواء من متقاعدي الدولة أو من القطاع الخاص، وهم فئة سبق وأن كتبت عنهم بأنهم أفنوا شبابهم وجل عمرهم لخدمة دينهم ووطنهم ومليكهم ومجتمعهم وشركاتهم ومصانعهم بكل إخلاص وتفان، وعند بلوغهم السن القانونية للتقاعد خرج معظمهم إلى حياة جديدة وصعبة يعاني بعضهم من أمراض كبر السن والآخرون من ظروف اقتصادية، والجميع تغيرت عليهم الوجوه في المجتمع. فتوقف عنهم العلاج المجاني الذي كانوا يستمتعون وأهلهم به عندما كانوا على رأس العمل وأصبحت قدراتهم المالية لا تستطيع الوفاء بمتطلبات الحياة وعلى رأسها التأمين الصحي.
وفي غياب وعدم اهتمام مؤسسة التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالمتقاعدين ورعايتهم بعد تقاعدهم أسوة ببعض الدول المجاورة والمتقدمة التي أنشأت برامج تأمين صحي للمتقاعدين والبعض الآخر أنشا مستشفيات خاصة للمتقاعدين.
وهذا يدفعني اليوم لإعادة طرح بعض الاقتراحات ومنها إنشاء مستشفى عام في كل منطقة خاص للمتقاعدين، ويفتح المجال لبقية المرضى من عامة المجتمع ولكن بقيمة التكلفة. والبديل الثاني هو أن تدعم الدولة مؤسسة التقاعد ومؤسسة التأمينات الاجتماعية بمبلغ سنوي قيمة إصدار بوليصة تأمين صحي لكل متقاعد ويتم التفاوض على بوالص تأمين صحية بسعر مميز.
إن مواقف خادم الحرمين الشريفين تجاه شعبه عديدة ومشرفة وإن قرار مثل هذا سوف يكون له الأثر الإيجابي والإنساني على فئة المتقاعدين المدنين في الدولة. وهم مواطنون مخلصون لدينهم ووطنهم ومليكهم وذلك أسوة بالعسكريين المتقاعدين، الذين يعالجون في المستشفيات العسكرية، ومن يعتقد أن المستشفيات العامة الحكومية هي الحل للمتقاعدين فاسألوا المرضى من الشباب عن معاناتهم في الانتظار أو الحصول على الخدمات في المستشفيات الحكومية.
وإذا كانت القضية تكلفة مالية على المؤسستين التقاعد والتأمينات فقد يكون الاقتراح الأول هو إنشاء مستشفيات تابعة للمؤسستين تعمل بفكر اقتصادي وتمنح علاجا مجانيا للمتقاعدين أو برسوم رمزية ولا سيما أن المستشفيات والمراكز الصحية تحقق عائداً ربحياً مجزياً في ظل الظروف الحالية وهي زيادة الطلب عليها وقلة المعروض من الخدمة. إن فئة المتقاعدين أخذت تنمو سريعاً وسيتضاعف العدد في السنوات القادمة وتعاني نسبة كبيرة منها من أمراض الاكتئاب وبعض الأمراض النفسية، وهي في أمس الحاجة للرعاية الصحية.
فهل تجد رسالتي طريقها إلى صناع القرار بعيداً عن عقبة التكاليف والبيروقراطية التي يضعها البعض لتكون حجر عثرة أمام خدمة أهم شريحة أسهمت في بناء الدولة كل في قطاعه.
وأرجو ألا يعتقد البعض أن جميع المتقاعدين تقاعدوا وفي أرصدتهم ملايين جمعوها خلال فترة عملهم. وإن كانت هناك منهم فئة قليلة لكنهم لا يمثلون العامة.