نتنياهو يدعي أن 'إسرائيل سوف تزدهر وتنمو دون الوصول إلى تسوية مع الفلسطينيين، ووضعنا السياسي لا علاقة له بوضعنا الاقتصادي'، فيما يرى رجال أعمال كثيرون من كافة الأطياف السياسية في إسرائيل الأمر بطريقة أخرى

في يوم السبت 18 يناير، عرضت القناة الثانية الإسرائيلية ضمن برنامجها الإخباري الذي يحتل المرتبة الأولى في المشاهدة في وقت الذروة؛ تقريرا طوله 16 دقيقة حول الحركة المتصاعدة لمقاطعة الشركات الإسرائيلية، وألقت الصحفية المعروفة دانا ويس باللائمة كلها على السبب في ذلك ـ توسعة المستوطنات غير الشرعية ـ على الأراضي الفلسطينية. في 19 يناير، نشرت صحيفة فاينانشال تايمز خبرا بأن أحد صناديق التقاعد الأوروبية الرئيسة انسحبت من الشركات القابضة الإسرائيلية، وأن هناك ثلاث صناديق أخرى تدرس القيام بشيء مشابه. في 21 يناير، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن 100 رجل أعمال إسرائيلي سيذهبون إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس لتمثيل منظور كسر الجمود في المفاوضات الإسرائيلية-ا لفلسطينية. رسالة هؤلاء الأقطاب في مجال الأعمال في إسرائيل هي أن على إسرائيل أن تتوصل إلى حل دبلوماسي ـ بسرعة فائقة، وسوف يلتقون في دافوس مع رجال أعمال فلسطينيين لدعم تقدم الحل السلمي.
أنا أرحب بصدق بهذه الأخبار حول كبار رجال الأعمال الإسرائيليين، لكنها تذكرني بالقصة الشعبية الأميركية حول مزارع وبغله:
منذ زمن بعيد أراد أحد الفلاحين أن يشتري بغلا من جاره. سأل جاره إذا كان البغل قد تعرض لمشاكل.
أجاب الجار: ولا أي مشكلة. هذا البغل سيفعل أي شيء تطلبه منه. كل ما عليك فعله هو أن تطلب منه ذلك بلطف. فقط تأكد من عدم معاملة بغلي بقسوة.
وهكذا اشترى المزارع البغل. في اليوم التالي، ربط المزارع الفحل إلى المحراث. قال المزارع انهض لكن البغل لم ينتبه إليه. حاول المزارع أن يتحدث بلطف حتى أصبح لون وجهه أزرق تقريبا. لم يفد الأمر شيئا. فقرر استدعاء الجار.
جاء الجار مباشرة، عندما سمع المشكلة، مشى إلى الحصان وحمل عصا وضرب البغل على رأسه. بعد ذلك همس في أذن الحمار. بدأ البغل يحرث الحقل إلى الأمام والوراء، وقلب التراب دون أن يكون أحد خلف المحراث.
قال المزارع: اعتقدت أنك طلبت مني لا أؤذي البغل. أنت قلت إن كل ما علي عمله هو أن أتحدث إليه بلطف.
أجابه الجار حسنا، عليك فقط أن تجذب انتباهه أولا.
مقاطعة الشركات الإسرائيلية، إضافة إلى سحب الاستثمارات من إسرائيل، هي الضربة الموجهة لإسرائيل للفت انتباهها، ولكن ليس هناك شيء مضحك بخصوص المستوطنات غير القانونية. في تقرير صدر في 2009، قالت الجامعة العربية أن الدخل الحقيقي للفرد الفلسطيني انخفض من 1621 دولارا في عام 1999 إلى نحو 1284 دولارا في عام 2008، في حين انخفض إجمالي الناتج الوطني من 1959 دولارا إلى 1690 دولارا. وعزا تقرير الجامعة العربية سبب الانهيار الاقتصادي في الضفة الغربية إلى توسعة المستوطنات والأعمال التخريبية التي تقوم بها دولة إسرائيل ضد الزراعة الفلسطينية.
لهذا السبب، تعمل جماعات تابعة للكنائس، ومنظمات إنسانية، وجامعات على مدى عقد وبشكل تدريجي على قطع العلاقات المالية مع إسرائيل؛ بسبب سياسة الفصل العنصري والاحتلال. خلال السنتين الماضيتين، نمى هذا الجهد وهو يشمل الآن الاتحاد الأوروبي وصناديق التقاعد الرئيسة في أوروبا. مؤيدو النضال الفلسطيني يسمون هذه المقاطعات حركة المقاطعة والتعرية والعقوبات، وهي تؤثر الآن على قطاع الأعمال الإسرائيلي وعلى الحكومة نفسها.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدعي دائما أن إسرائيل سوف تزدهر وتنمو حتى دون الوصول إلى تسوية مع الفلسطينيين، ووضعنا السياسي لا علاقة له بوضعنا الاقتصادي.
لكن نتنياهو يبدو بعيدا تماما عن الواقع. هناك رجال أعمال كثيرون من كافة الأطياف السياسية في إسرائيل الذين يرون الأمر بطريقة أخرى. مجموعة BTI المعروفة في مجال الأعمال في إسرائيل، وتحوي أسماء كبيرة معروفة، حذرت في بيان أصدرته مؤخرا أن العالم بدأ يفقد صبره والمخاطر التي تشكلها العقوبات بدأت تصبح وشيكة أكثر فأكثر مع مرور الوقت. لدينا نافذة صغيرة من الفرص مع وصول جون كيري إلى المنطقة، وعلينا أن نستغل هذه النافذة المفتوحة بشكل جيد. وأعلنت الشركات التي انضمت إلى المجموعة أنها سوف تنظم يوما خاصا للنقاش مع الفلسطينيين في منتدى دافوس، المنعقد في سويسرا في نهاية الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي، وذلك بدعوة من منتدى دافوس نفسه.
في شهر سبتمبر من عام 2012، بعد عام واحد فقط من ذهاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحصوله على التأييد من أجل إقامة دولة فلسطينية من الغالبية العظمى للدول الأعضاء في الجمعية العامة، كتبت في مقال لي إن حسابات إسرائيل للتكاليف والأرباح لا يمكن أن تتغير إلا إذا أحست إسرائيل بالألم الاقتصادي من المجتمع الدولي بسبب معاملتها للفلسطينيين. لقد دعوت الدول التي صوتت لصالح قبول فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة، التي بلغ عددها 138 دولة، إلى استخدام قوتها الاقتصادية للضغط على إسرائيل وتنبيهها إلى وضعها، بنفس الطريقة التي تم فيها الضغط على نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وأدت إلى تفكك النظام وسقوطه. لقد حان الوقت لجميع تلك الحكومات لتنضم إلى تلك الجهود.