هناك دراسة تقدم حلولا بديلة لإنارة طريق الهجرة بمسافة 420 كلم تقريبا، وذلك باستخدام الطاقة البديلة، وهي الطاقة الشمسية، وفيها أن التكلفة أقل بنسبة 75% من تكلفة الإضاءة التقليدية عبر المحطات الكهربائية التي تستخدم 'الكرود أويل' في تشغيلها
إنجازات الحكم السعودي لخدمة الإسلام والمسلمين كبيرة ويصعب حصرها، وأعظم هذه الإنجازات هي توسعة الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة. ومن أهم الإنجازات المتوقع الاستفادة منها قريباً قطار الحرمين الشريفين الذي سيتم تشغيله خلال السنتين القادمتين، ويعد هذا المشروع من أهم المشاريع التي تخدم حركة تنقل المسلمين من حجاج ومعتمرين ومواطنين ومقيمين بين مكة المكرمة والمدينة المنورة والعاصمة التجارية جدة.
وللحقيقة، يرتبط هذا الإنجاز بفترة حكم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي سيسجل له التاريخ هذا الإنجاز بسطور من ذهب. ولقد سبق أن كتبت وكتب غيري عن أهمية قطار الحرمين، وتم فعلاً الإنجاز وهو في مراحله الأخيرة إن شاء الله.
واليوم أطرح أحد أهم المشاريع التي تهم المسلمين بصفة عامة، سواء من القادمين للحج والعمرة، أو من المواطنين والمقيمين، وهو مشروع إنارة طريق الهجرة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، إذ إن هذا الطريق يعد أحد الطرق الخطرة وغير الآمنة للقيادة فيها مساء. وحسب إحصائيات الحوادث، فإن نسبتها مرتفعة في هذا الطريق. وإن عدم الإنارة يشكل خطورة أمنية للعابرين، فضلا عن أنه أحد وسائل مكافحة التهريب به. فالإنارة ستجعل الطريق أكثر حيوية.
وبالبحث والدراسة عن أسباب عدم قيام أو اهتمام الجهات المعنية بإنارة هذا الطريق، وجدت أن التكاليف العالية لإنارة الطريق هي أحد الأسباب، والسبب الثاني هو عدم وضع هذا المشروع ضمن الأولويات لمشاريع النقل في الطرق، وتضاءلت أولويات مشروع الإضاءة لطريق الهجرة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة نظراً لمشروع قطار الحرمين.
ورغم عدم قناعتي بالأسباب جميعها، فمهما كانت التكلفة تبقى خدمة المسلمين وسلامة أرواحهم فوق كل ميزانية وأي تكلفة كانت، وأجزم بأنه ليست هناك علاقة بين مشروع قطار الحرمين وإنارة طريق الهجرة، ومهما كان قطار الحرمين ذا دور كبير في حركة النقل للمسلمين ولحركة التجارة بين المدن الثلاث، إلا أن طريق الهجرة البري سيظل مهماً وأساسياً لحركة النقل بين المدينتين المقدستين. ورداً على من يرى أن التكلفة هي أحد المعوقات لهذا المشروع، فقد اطلعت أخيرا على إحدى الدراسات التي أجرتها إحدى الشركات الأميركية بالتعاون مع بعض الخبراء الدوليين ورجال الأعمال المتقدمين بحلول بديلة لإنارة طريق الهجرة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة بمسافة 420 كم تقريباً، وذلك باستخدام الطاقة البديلة النظيفة، وهي الطاقة الشمسية، وأفادت الدراسة بأن تكلفة الإضاءة لإجمالي الطريق 420 كم توفر 75% من تكلفة الإضاءة التقليدية عبر المحطات الكهربائية التي تستخدم (الكرود أويل) أو الغاز في تشغيلها. وتستخدم الكابلات والمحطات المقوية والأبراج الناقلة للضغط العالي وغيرها من احتياجات الإنارة التقليدية المستخدمة حالياً في إنارة الشوارع. وأوضحت الشركة الأميركية التي أعدت الدراسة أن العمر الافتراضي لإنارة الطرق حسب التقنية المطورة من قبلها يصل إلى 25 عاما بضمان لمدة السنوات الخمس الأولى من بدء الاستخدام. وهي تقنية صنعت في أميركا لتتناسب مع معايير سرعة رياح 150 ميلا في الساعة. وقد تم تجريبها في القواعد الأميركية في العراق وأفغانستان وفي بعض دول أفريقية وبعض الطرق الصحراوية في الولايات المتحدة. وتستخدم نظام البطارية المشحونة بالطاقة الشمسية لكل وحدة إنارة، أي لكل عمود كهربائي، ولا تتأثر من أشعة الشمس غير المباشرة، وتستطيع البطارية الإنارة أربع ليال متتالية في حال عدم وجود أشعة الشمس، ولا تسرب البطارية الهيدروجين، وتعمل في درجة حرارة 70 درجة، وتتحمل جميع الإلكترونيات المستخدمة في هذه التقنية درجة حرارة 100 درجة ولا تتأثر بالأمطار والعواصف الرملية، وألواحها الشمسية مضمونة لمدة 25 عاما، وهي صغيرة الحجم وقدرتها للتحويل 19.7%، ومصنوعة من مواد غير مضرة للبيئة وسهلة الصيانة والتركيب. وتستخدم هذه التقنية معيار الولايات المتحدة الأميركية لإنارة الطرق والمسافة بين العمران على بعد 40 م بين كل عمود لطريق عرضه 20.8 م. وقد عرضت الشركة أن تقوم بصيانة هذا المشروع لمدة 25 سنة مقابل إعطائها حق امتياز الإعلان على هذا الطريق.
إن ما يدفعني اليوم إلى طرح فكرة إضاءة طريق الهجرة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة بالطاقة الشمسية هو إعلان شركة أرامكو السعودية أنه يجب ترشيد استخدام البترول الخام في أغراض الإنتاج الداخلي، ذلك أن المملكة تستعمل الآن حوالي 30% من إنتاج البترول داخلياً، ويتوقع أن يرتفع الاستهلاك الداخلي إلى 50% خلال السنوات الخمس القادمة، ويتوقع أن يبدأ في 2014 ترشيد استخدام البترول في توليد القوى الكهربائية، كما طالب البنك الدولي حكومة المملكة العربية السعودية بتقليل استخدام البترول الخام للأغراض الداخلية، لما له من تأثير سلبي على الاقتصاد السعودي.
وحسب أنظمة حماية البيئة الدولية والإقليمية والمحلية، فإن الطاقة الشمسية هي البديل الأنسب لحماية البيئة، ومن الناحية الاقتصادية فهي الأوفر اقتصادياً في توليد الطاقة.
فهل تصل رسالتي اليوم إلى صانعي القرار ليكون هذا المشروع ضمن المشاريع العملاقة التي تقوم بها الحكومة السعودية لخدمة المسلمين؟ وهل سينضم هذا المشروع ضمن الأعمال العظيمة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين ابتداء من توسعة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وإنشاء مشروع قطار الحرمين، وأخيرا إنارة طريق الهجرة الذي يربط بين المدينتين المقدستين؟