تقودني الأرقام إلى التفكير.. وتجرني إلى التدقيق في الواقع بناء على نتائج الأرقام التي تكشف الواقع وتقيس مستوى الأداء.
تقول الأرقام إن مرور الرياض كسب خلال 2013 نحو مليونين ونصف المليون من المخالفات المرورية من دون مخالفات السيد ساهر صاحب النصيب الأوفر؛ وهذا يعني أن مرور الرياض وحده سيجني أكثر من 750 مليون ريال فقط، إذا لم نفكر في مضاعفة المخالفة إذا تأخر المخالف بالسداد، وإذا لم نفكر بالمخالفات التي تتجاوز قيمتها 300 ريال.
نعم.. العقوبات والغرامات وسيلة تُفرض لتطهير مكان ما من مخالفات.. ولا يمكن التفكير بأنها مصدر أرباح، لكن نسيان الغاية منها ينحرف بالوسيلة إلى التكسب.. وإذا كانت الأرقام تقول إن المخالفات تزداد عاما بعد عام، وهذا يعني أن العقوبات لم تعد رادعا للمخالف.
عدد المخالفات المرورية في الرياض ازدادت 300 ألف مخالفة عن العام السابق.. وهذا أقوى مؤشر لإدارة المرور للبحث عن وسيلة أخرى للقضاء على المخالفات المرورية إن كانت تدرك أن المخالفات وضعت لتطهير الشوارع من المخالفات المرورية وحماية أرواح سالكيه.
مداخيل المخالفات المرورية كبيرة، وبمقدورها أن تعمل على زيادة الوعي المروري لدى الناس بأي طريقة، لكن يبدو أن المرور استشعر زيادة أرباحه من المخالفات؛ فطور آليات توثيق المخالفات بالأجهزة الإلكترونية لتريح أفرادها من الأوراق الصفراء والكتابة المتعبة.
في قراءة تفاصيل المخالفات المروية في الرياض تجد أن المرور لا يهتم بما يعاني منه الناس مثل التفحيط، فلو لاحظت أعداد المخالفات ستجد أن عدد مخالفات التفحيط 678 مخالفة فقط، بينما في العام الذي سبقه حررت 847 مخالفة لمفحطين.. وكأن المرور يقول: التفحيط ليس ظاهرة عندنا.. بينما كل شارع يشكو من المفحطين، وكل بيت يصيح أهله من إزعاج التفحيط وجرأة المفحطين..!
حاول المواطنون إدخال المرور في معركة مع المفحطين، إلا أنه دائما يخرج الطرفان متصالحان، والخاسر المواطن، والتفحيط متواصل والمفحطون بازدياد..!
سؤال: لماذا إدارات المرور تحرص على الغرامات المالية في العقوبات الرادعة للمخالفات المرورية؟ ألا يوجد عقوبات أخرى؟
قد يقول قائل: إن الواردات تذهب إلى خزينة الدولة، ونقول: ولكن أين أثرها في الحد من المخالفات المرورية؟
(بين قوسين)
العقوبة على مخالفة الأنظمة ليست هدفا.. بل وسيلة لوأد المخالفة وإزالتها من الوجود.