النفس البشرية ميّالة للثناء، لا أحد من البشر خارج هذه الدائرة، لولا أن الثناء والمديح يتعديان أحيانا المقبول والمعقول.. فيصبحان ذما بما يشبه المدح!
هنا الناس تنقسم إلى قسمين.. القسم الأكبر يرفض هذا الثناء والثواب المبالغ فيهما.. وقلة قليلة يطربها هذا الثناء ولو بلغ عنان السماء.. ألم يطرب المعز لدين الله حينما أنشده ابن هاني الأندلسي: ما شئتَ لا ما شاءت الأقدار.. فاحكم فأنت الواحد القهارُ!
عموما هي سلوكيات بشرية ليست جديدة.. يلمسها العاقل في الكثير من المناسبات والاحتفالات واللقاءات والندوات والزواجات وحفلات الهياط، بل وحتى في خطب الجمعة أحيانا.. المدح وقود نفسي لكن المبالغة فيه تضع الممدوح في موقف حرج أمام الرأي العام.. وليس أسوأ من المديح الممجوج سوى القبول به!
قبل أيام قامت صحيفة سبق بعمل استفتاء حول الخدمات والوجهات السياحية لخدمة قرائها، بإمدادهم بمؤشر سياحي يتسم بمعايير الحيادية والشفافية.. الصحيفة ممثلة برئيس تحريرها الخلوق علي الحازمي استعانت بـ41 هيئة سياحية من السعودية و26 هيئة سياحية من الوطن العربي، بمشاركة قرابة 100 ألف في التصويت.. لتأتي النتيجة بفوز مطار الملك خالد الدولي بالرياض بجائزة أفضل مطار دولي!
إلى هنا والأمر مقبول، أعني أن لكل إنسان رأيه، وهو حر في اختياراته وقرارته، والصحيفة ليست مسؤولة عن اختيارات المشاركين والجهات السياحية التي اختارت المطار، هناك هيئة عليا للسياحة تستطيع محاسبتها لممارستها الكذب والتزوير لكن غير المقبول والمضحك في نفس الوقت، أن إدارة المطار جاءت بهدوء وثقة لاستلام الجائزة.. عوضا عن الاعتذار عن قبولها!
المفترض ـ وهذا أضعف الإيمان ـ أن يتقدم مدير المطار، ويعاتب الجهات السياحية على تدليسها وتزويرها للحقيقة، والمصوتون على كذبهم الفاضح، ويوضح أنهم لا يستحقون هذه الثقة.. إذ ما يزال المطار يسعى نحو الأفضل محليا، فكيف يمكن قبول لقب أفضل مطار عالميا! لكنه لم يفعل، بل استلم الجائزة!
خذوها مني: الإدارة التي تصدق أن مطار الملك خالد هو أفضل مطار دولي، وتتقدم لاستلام الجائزة بـعين قوية، إدارة لا تبشّر بخير..