40 عاما.. وما يزال محافظا على تفاصيله القديمة ومحلاته
40 عاما وما يزال سوق حلة القصمان ـ أكثر الأسواق شعبية جنوب العاصمة الرياض ـ يقاوم البقاء بألق الذهب الأصفر، وبقي منذ بداية السبعينات الميلادية محافظا على تفاصيله القديمة ومحلاته الصغيرة المنتشرة على أزقته الضيقة المتمسكة بماضيها، لتبقى معالمه كما هي باختلاف بضاعتها التي ما زالت متمسكة هي أيضا ببساطتها.
ويعدّ حي المرقب الذي يحتضن هذا السوق الشعبي القديم البوابة الشرقية، فيما تتعارك على مداخله المركبات بسبب ازدحامها المستمر لتعلو أصوات مزاميرها مختلطة بتذمر راكبيها بسبب ضيق الشوارع في المكان، في حين تنتشر محلات الذهب والمجوهرات التي ما زالت صامدة أمام الأسواق الكبرى، وتحوز ثقة الكثير من النساء.
وبدا الإقبال والازدحام واضحين على معارض الذهب، وتقول أم عماد التي كانت تستبدل مجموعة من ذهبها القديم بآخر جديد، إنها لا تثق إلا بمحلات الذهب هنا؛ لأنها ورثت ذلك عن والدتها التي لم تتعامل إلا مع بائعي سوق الذهب.
فيما انتقدت أم عبدالعزيز الحال الذي آل إليه السوق خلال العشرة أعوام الماضية، وتقول كان سوق الحلة مختلفا جدا، فأغلب البائعين كانوا من اليمن، أما الآن فاحتل المكان العمالة الهندية والبنجلاديشية والأفغانية وغيرها من الجنسيات الأخرى، وعلى الرغم من وجود اللوحات المعلقة في مداخل السوق بأن المكان للعائلات فقط والمكتوبة بأكثر من لغة، والتي تؤكد على منع دخول العمالة، إلا أن الموجود هناك يجد عكس ذلك فالمكان يعج بالعمالة أكثر من العائلات.
أما عن مستوى النظافة الداخلية، فممرات السوق بدا عليها التهالك الواضح وبعض المخلفات مع تجمع بعض المياه في الطرقات من تكييف المحلات التجارية وغيرها، إلا أنه رغم ذلك سيطرت البائعات السعوديات على التكوين النسائي للسوق، من خلال البسطات المنظمة والعشوائية والمتحركة أحيانا، حينما تقود البائعة عربتها التي تحمل البراقع وبعضا من ألعاب الأطفال والملابس البسيطة.
الوطن وُجدت هناك للقاء البائعات، واللاتي تشبثن بالمكان منذ أعوام كثيرة مضت.
أم عبدالرحمن، والتي تتصدر بسطتها مدخل السوق الجنوبي تقول، إنها هنا منذ أعوام كثيرة لا تذكر عددها تجلب بضاعتها من وادي الدواسر من مخلطات وبخور وبعض الملابس والسجاد، مشيرة إلى أن موقعها يساعدها في البيع أكثر من اللاتي يتاجرن داخل السوق لتحمد الله آلاف المرات وهي تتحدث مرددة بأن الله لا ينسى عبده الساعي.
وفي الجهة المقابلة، كان أبو عبدالله رجلا مسنا أسمر البشرة، قد بانت ملامح الكبر في كل تفاصيل وجهه، وكان جالسا أمام صندوقه الصغير الذي يبيع فيه بعضا من المساويك واللبان تتابع نظراته المارة بصمت يحكي الكثير. حاولنا من خلال الجولة التواصل مع البائعات لمعرفة مشاكلهن مع العمالة الشرق آسيوية المنتشرة بكثرة في المكان، إلا أنهن أكدن أنهن لا يعانين من أي شيء، بينما وصفت أم محمد التي تبيع المشروبات الغازية والحلويات أنهن أثبتن وجودهن في المكان ولا يعنيهن وجود هذه العمالة.