لا يكاد يخلو مجلس ما من الحلطمة عن سوء عادات قيادة السيارات لدينا، أو عدم الالتزام بالطابور عند الفوّال أو الخبّاز، حتى تتطور الحلطمة إلى كون ظاهرة عدم الالتزام بالنظام هي عادة محلية وفلكلور متوارث! وأن سبب هذه الممارسات مشكلة اجتماعية في الأساس!
هذا التحليل وإن كان تجلياً لممارسة جلد الذات التي نتقنها دوماً، إلا أن فيه قدراً لا بأس به من الصحّة، كون الكثيرين منا تربوا على مفهوم الأنانية في الحصول على كل شيء، أو أنا ومن بعدي الطوفان، بيد أن هذا جانب واحد من الأسباب المتعددة، لكن السبب الحقيقي لهذه الظواهر المزعجة أيها الأصدقاء هو: عدم الحزم في تطبيق الأنظمة الرسمية، والتي تظهر في كثير من المجتمعات المتطورة، حينما تقفز الجموع فوق شعرة المدنيّة خلال لحظات قليلة؛ فقط متى ما غاب تطبيق النظام! كما هي الحال في مباريات كرة القدم الجماهرية مثلاً أو المهرجانات الفنية أو غيرها. ذلك أن الالتزام بالنظام ناتج نهائي لتطبيق النظام على الجميع، وغيابه سبب جوهري لكل هذه الفوضى وعدم الالتزام بأي شيء.
المأساة هنا أنه لا ينقصنا نحن هذه الأنظمة، فلدينا ولله الحمد، الكثير والكثير من الأنظمة واللوائح والعقوبات، ولكنها معطلّة وحبيسة الأدراج، وذلك لأسباب عديدة، الأمر الذي أدى إلى استمراء البعض لتجاوزاته، وتحوّلها مع مرور الزمن إلى ممارسات طبيعية، والأدهى من ذلك أن يمسي من يلتزم بالنظام هو الخاسر الأكبر، كما هي الحال مثلاً في قيادة السيارات، فمن يلتزم بأنظمة المرور؛ يعتدى على حقه في الطريق، ويفقد الكثير من حقوقه!
خلاصة الحديث: التزام الجميع بالنظام يبدأ من الحزم في تطبيق النظام على الجميع.