حين سئلت في مجلس ألمع الثقافي، مساء الأربعاء الماضي، فيما إذا كنت أخاف على أطفالي في مدارسهم من مسائل مثل تشتيت الهوية وتفتيت الانتماء، أجبت فورا بالنفي الجازم القاطع؛ لأن بنية التعليم للأسف الشديد وصلت إلى درجة مخيفة، لم تعد حتى تسمح لمحمد وخلدون أن يتلقيا شيئا في المدرسة. خذوها على مسؤوليتي: لم يعد التعليم ولا المدرسة وسائل تربية أو تعليم أو بناء معرفي. لم تعد المدرسة ولا التعليم أوكار خطورة على القوام الفكري والبنائي لملايين الأطفال والشباب، مثلما أيضا لم تعد وسائل بناء وتثقيف حتى ولو من أجل الأوراق والمناهج الرسمية التي يحملونها كل صباح إلى المدرسة. سأقول بالفم المليان: لا يخيفني أن تكون نسخة من محمد الظواهري هو المدير أو المشرف التربوي في مدرسة الولدين، ولا يرعبني أن تذهب سارة إلى مدرسة ثالثة تحت إدارة نسخة أخرى من نوال السعداوي. أطفالي مثل كل أطفالكم، ولا نكذب على أنفسنا، أول من يعلم أن الاستيقاظ في الصباح مجرد روتين عسكري يبدأ من طابور السابعة حتى الصافرة الأخيرة عند الواحدة بعد الظهر. لا تخافوا ولا تقلقوا من كل ما يحدث في ثنايا هذه الحصص السبع. أطفالكم مثل أطفالي لا يرون فارقا أبدا... أبدا... بين مدرس لغتي وبين مدرس العلوم وهم... أبدا... أبدا.. لا يلمسون فارقا ما بين المادتين وبين الحصتين. هم يعلمون جيدا أن المهمة الأولى في تعليم اليوم لأي معلم هي القدرة على ضبط 40 متمردا داخل الفصل؛ حتى يخرج المعلم بسلام ما بين صافرة وصافرة. لا تخافوا أبدا على أطفالكم من أي غزو من أي فصيل ونوع داخل النظام الرسمي للتعليم من الحصة الأولى إلى السابعة.
مدارس اليوم، في ظروفها ونوع معلميها وطلابها ومناهجها لن تشرح المنهج المعلن، ولن يستمع فيها أحد من الطلاب للمنهج الخفي. تخاف على ولدك في حالة واحدة: إن رأيته يعود لمدرسته في المساء لنشاط، أو يذهب معها في رحلة أو معسكر.