على المخططين أن يعيدوا النظر في مقومات الحياة في محافظة الخرخير والتي تنعدم فيها أبسط المقومات الاقتصادية لضمان العيش الكريم

رسالة وصلتني قبل أيام وأنا في الولايات المتحدة من خلال الواتس اب من معلمة تربوية عملت في أحد المراكز التعليمية في محافظة الخرخير جنوب المملكة، والتي تبعد عن منطقة نجران حوالي 900 كلم، وتقع عند المثلث الحدودي بين سلطنة عمان واليمن، ومعظم سكانها من البدو الرحل، وترتبط بمحافظة شرورة بطريق معبد تم إنشاؤه حديثاً بمسافة 500 كلم، ويوجد طريق من المنطقة الشرقية إلى الخرخير، ويوجد بها مجمع مدارس بنين وبنات ومركز رعاية ومطار عسكري، ويعيش أهلها في الصحراء وفي الخيام والصنادق وبيوت الصفيح، ومنطقتهم هي منطقة الربع الخالي، والتي يعيش فيها أربع قبائل هي المهرة والعوامر والمناهيل والرواشد.
معلومات بسيطة عن هذه المنطقة موضوع الرسالة التي وصلتني من المعلمة التربوية التي أراد الله لها أخيراً أن تنتقل من محافظة الخرخير، ولكن وجدت أنه من واجبها الإنساني والوطني أن تكتب هذه الرسالة وترسلها عبر الواتس اب، تتمنى فيها من المسؤولين ورجال الأعمال والكتاب أن يطلعوا على وضع 10 آلاف مواطن في أمس الحاجة إلى الغذاء والكساء والعلاج والوقود، حيث تقول رسالة المعلمة وأقتبس منها بصراحة إذا أحد يبغى يتبرع أقول له في جنوب المملكة محافظة اسمها الخرخير يسكن فيها قرابة 10 آلاف نسمة، وأقسم بالله العظيم إن بيوت بعضهم عبارة عن شراشف وكرتون وخشب، أي شيء يلاقونه مرمي يغطون به الفتحات في السقف لتقيهم برودة الشتاء وحرارة الشمس في الصيف. أنا كنت معلمة في نفس القرية. والله الطالبات يداومن بمراييل مشقوقة من فوق لتحت، يعني تمشي البنت وساعة رجلها داخل المريول وساعة تطلع من الجهة المشقوقة، ناهيكم عن وقت الفسحة. تخيلوا لقيت أربع أخوات ما عندهن إلا عصير واحد.. كل واحدة تشرب شوية منه، طبعاً من غير فطور وعلى علبة عصير واحدة. والله بعضهم ابتدائي وبعضهم متوسط، وأنا طبعاً في مجمع لجميع المراحل. برضو شفت بنات في صف أول يداومن بشراب فقط بدون حذاء، لأن ما عندهن أي حذاء في البيت وأمهات كثيرات يجون عندنا في المدرسة يقولون عندكم أكل ما تبغونه اعطوه لبنتي بصف أول، وتحلف بالله إنه ما عندها ريال واحد عشان تعطيه لبنتها تفطر، عندنا بنات يداومن في الصيف لابسات بلايز -لبس- الشتاء صوف، لأنه ما عندهن ملابس خاصة بأيام الصيف إذا جاهم غبار الله يفرجها عليهم.. تخيلوا هم في صحراء وبيوتهم تجميع خشب وشراشف يجي الغبار ويخرب الدينا عليهم يصبحون مشردين بدون مأوى، وفي أحد الأيام في الشتاء والله لقيت بنات صغار بسنة أولى ابتدائي نحاف يرتجفن من شدة البرد ما عليهن إلا المريول بعز الشتاء، وشتاء الخرخير برده شديد ما أحد يقدر يتحمله، والله مهما أتكلم ما أقدر أوصف لكم اللي شفته بعيني، يقبلون أي شيء.. ملابس حق صيف وشتاء وأكل وأغراض مدرسة وجزم وشنط وفرش أو أي شيء، لا تقولون ما راح يرضون فيه، والله لو جاهم أي شيء حتى لو كان مستعملا يشوفونه أجمل هدية في حياتهم بسبب فقرهم الشديد، لا تبخلون عليهم خاصةً الآن في الشتاء، والله كنت أنزل أيام الشتاء بالليل أروح أقضيلي أغراض وأنا ماشية في الشارع أطالع البيوت اللي بجنبي.. أحواشهم من سعف النخل، وألاقي الناس شابين نار ومتجمعين حولها يتدفون من البرد، وكل الفقراء في الخرخير بهذه الطريقة، كل بيت أهلها شابين نار علشان يتدفون، لأن ما عندهم دفايات كهربائية أو سكن يحميهم من شدة البرد.
انتهت رسالة المعلمة وأبدأ رسالتي لزملائي رجال الأعمال قائلاً: ألا تجد هذه الرسـالة طريقاً إلى قلوبكم الرحيمة؟ أليس من الأولى التبرع لهذه القرية وأهلها؟ إن تكلفة 3 ساعات طيران بطائرة خاصة لرجل أعمال سعودي تعادل معيشة 100 عائلة في الخرخير بمعدل ألف ريال شهرياً.
هذه الخرخير التي أبناؤها في قلوبنا وموقعها في الربع الخالي وهم في أمس الحاجة في هذا الشتاء لحملة تبرعات يتبناها مجلس الغرف السعودية أو أحد رجال الأعمال من فاعلي الخير. لنقف مع أبناء هذه المحافظة في هذا الشتاء القارس. وأقترح على المخططين في المملكة أن يعيدوا النظر في مقومات الحياة في هذه المحافظة والتي تنعدم فيها أبسط المقومات الاقتصادية لضمان العيش الكريم لأهلها. وأتساءل: هل بالإمكان أن تقام إحدى القواعد العسكرية في هذه المنطقة لفتح فرص عمل لأبناء هذه المنطقة، ولا سيما أن هناك مطارا عسكريا؟ أو هل بالإمكان فتح فرص عمل لأبناء هذه المنطقة في بعض مشاريع آبار البترول التي اكتشفت في الربع الخالي؟ ولماذا لا تنطبق على شباب هذه المنطقة السعودة وإعطاء أبنائها الأولوية ليعملوا في بعض المناطق الأخرى التي تتوفر فيها فرص عمل؟ وعلى وجه الخصوص ونحن في مرحلة الإحلال والتوطين. وهل بالإمكان أن تعطى محافظة الخرخير الأولوية في مشاريع وزارة الإسكان لحماية الفقراء من بيوت الصفيح والقش والخيام؟ إن مشروع الملك عبدالله لوالديه للإسكان الخيري يعتبر أحد أهم المشاريع الخيرية التي بنيت في المملكة في المناطق الفقيرة، فهل بالإمكان أن ينال أبناء الخرخير فرصة الحصول على مساكن عاجلة من هذا المشروع لأولئك الذين لا سكن لائق لهم؟
إن مسؤوليتنا نحن كرجال أعمال سعوديين تتطلب منا الوقوف مع هذه الفئة من المواطنين وهم الأحوج للمساعدة، ولاسيما أن خيرنا من هذا الوطن، وعلينا أن نتعاون لرد جزء من الجميل لأبناء هذا الوطن. ومن أراد أن يتعرف على المزيد من المعلومات عن الخرخير فعليه أن يدخل على الرابط الآتي:
http://safeshare.tv/w/uNKWvvBVBG