جدة: خالد المحاميد

ما إن انتهت فعاليات المؤتمر الثالث للأدباء السعوديين الذي انعقد في الرياض بتاريخ 17 /12 /2009، حتى بدأ الأدباء ينتظرون تحقيق ما تمت التوصية فيه، فمؤتمرات الأدباء الوطنية لا تعقد من أجل إلقاء البحوث والدراسات فقط، وإنما تعقد في المقام الأول لبحث شؤون الأدباء أنفسهم وتطلعاتهم لتحقيق أكبر قدر ممكن من الانسجام بين إنتاجهم الأدبي وبين متطلباتهم على الصعيد الثقافي والاجتماعي، كما هو الحال في المطالبة بصندوق الأدباء على سبيل المثال، أو بتأسيس رابطة أو اتحاد للكتاب على الصعيد الثقافي، كما ورد في توصيات المؤتمر الثالث. الحق بالأمن الاجتماعي والمادي لعله من أهم ما يوفر للمبدعين فرصا للانشغال أكثر في إبداعهم، فالمبدع ليس كأي شخص آخر يمكنه أن يعود من وظيفته وينام بقية النهار، ثم يقضي سهرته مع أصدقائه على زاوية مقهى، وهذا ليس تعاليا من المبدع، إنما هو تفرضه الواجبات المترتبة عليه كمبدع يحتاج إلى اقتطاع أوقات طويلة من يومه للتفرغ للقراءة والكتابة والاطلاع.
لعل هذا ما دفع المؤتمرين في المؤتمر الثالث إلى التوصية بتأسيس صندوق للأدباء يقيهم شر العوز مستقبلا، أو عند مواجهة مرض عضال، كما حدث مع عبدالله باهيثم ومحمد الثبيتي وفايز أبا.
لذلك لا ينتظر الأدباء من المؤتمر أن يتحول إلى مؤسسة ثقافية أكاديمية مهمتها إلقاء البحوث، كما يقول الدكتور عالي القرشي، فالأدباء قدموا مطالب صيغت في توصيات، لكنها لم تنجز، وبالتأكيد فإن المؤتمر الرابع سينشغل كثيرا في هذه القضية. في إجابته يقول القاص محمد علي قدس، إن الأدباء سيركزون على مسألة الحقوق، ومن الممكن أن نلتقي بوزير الثقافة لطرح هذه الإشكالية، فهناك توصيات بإنشاء مجلس أعلى للثقافة وصندوق للأدباء وإحياء جائزة الدولة التقديرية، وهذه جميعها تصب في خدمة الأدب والأدباء. لا يستسيغ الدكتور عبدالمحسن القحطاني إلقاء التبعية على وزارة الثقافة والإعلام فيما يتعلق بحقوق الأدباء وتنفيذ توصيات المؤتمرات الأدبية، على مستوى صلاحيات الوزارة، وأن مهمة المؤتمر أن يرفع هذه التوصيات إلى المسؤول المباشر، فالتوصيات هذه توزع على ثلاثة مستويات، داخل المؤسسة الثقافية، وداخل الوزارة لتقوم بتنفيذ ما هو في إطار صلاحياتها، والجهة الثالثة هي صاحبة القرار السياسي، فمنذ 15 عاما ونحن نطالب بإنشاء قناة ثقافية، وهذا لم يحدث حتى قررت القيادة السياسية أن الوقت آن لإنشاء هذه القناة. لكن وزارة الثقافة مسؤولة أيضا، أليس كذلك؟ يرد الدكتور القحطاني على السؤال بالقول المسؤولية هنا نسبية، فالوزارة لا تملك صلاحية اتخاذ القرار في شأن مثل هذا، لكن عليها أن ترفع التوصيات إلى الجهات العليا، وتعقب عليها وتدخل في دهاليز البيروقراطية لتخليصها مما يعلق فيها من معوقات، كما أن على الأدباء أن يستمروا بملاحقة قضاياهم لتحفيز الوزارة للعمل على تحقيق رغباتهم.
الدكتور عبد الله الفيفي يؤكد أن اللجنة الثقافية في مجلس الشورى، وهو رئيسها، أنجزت دراسة تأسيس رابطة للأدباء السعوديين منذ عام 2006، وكان يمكن أن تنفذ لولا صدور نظام يتعلق بتأسيس الجمعيات الأهلية، ولذلك تم تأجيل استحداث رابطة للأدباء حتى إتمام مشروع كامل لجميع المؤسسات.ويعتذر الدكتور الفيفي بأنه لن يحضر المؤتمر رغم تلقيه دعوة، فقد جاءت متأخرة نوعا ما، وهناك التزامات مرتبط بها، لكن أيضا ليس هناك حماس، فما دامت المؤتمرات لا تنتهي إلا بإلقاء بحوث دون أن تتحول المداولات إلى قرارات فما هي الفائدة من الحضور، فالهدف من المؤتمر ليس أن يتحول إلى مؤتمر علمي، بل لبحث قضايا الأدب والأدباء.