من قال إننا دخلنا العام الجديد؟ هو من دخل إلى وحشيتنا عبر بابنا المكسور، وسيخرج عبر آخر كسابقه، مضرجا بدماء الأبرياء، ملطخا بكذب ساسة ومثقفين.... اخترت لكم ما بين الأقواس بعاليه من تغريدة للصديق الزميل: عيسى سوادي ليلة ما قبل البارحة، لأنني وجدت فيها توصيفا تصويريا عن الأمة وعن الحال والخريطة. كان يرسم أكثر مما يكتب. وفيما عدا خليج العرب الذي ما زال آمنا مطمئنا، ومتماسكا حتى هذه اللحظة، فقد انتهى اليوم الأخير من العام السالف بعشرات الأشلاء والقنابل ومنابر الردح السياسي التي حولت لغة بني يعرب، إلى قاموس من مفردات الوحشية والثأر والانتقام، فأضفنا إلى هذا القاموس ما لم تكتبه من قبل حروب البسوس وداحس والغبراء في أعوامنا الرمادية الطويلة.
ولأن ليالي الأعياد تبان من عصاريها، كما هو المثل، فلا تظنوا أن عام بني يعرب الجديد سيختلف عن سابقه. وحتى إن أردتُ أن أكتب عن العام الجديد بلغة الإخاء والمحبة، سيبقى قلمي حذرا مشدودا إلى الأعلى لأن هناك بيننا من يرى أن الكتابة عن عام جديد لكوكب الأرض وأممه بدعة، وهناك ـ أيضا ـ من يرى أنه كفر وخلل عقدي.
وصلنا في هذا العالم العربي إلى الحد الذي تكون فيه الجملة جريمة. وحين فكرت أن أكتب البديل، في مطلع العام عن الحدث الوطني الأبرز، في مهازل المشاركين في مزاين الإبل... أيضا دبت الخشية إلى أصابعي ورأس قلمي؛ لأن الناقة التي اختلفوا حولها في المهرجان الشهير ما قبل البارحة، هي بالتأكيد سليلة أخوات الناقة ذاتها التي أشعلت حرب البسوس قبل 1500 سنة.
والخلاصة أنه بات من الصعوبة أيضا على كاتب مثلي أن يقول رأيه في ناقة أو جمل أو مهرجان لمزاين الإبل، برغم أن شعبا بأكمله قد قضى نهار اليوم الأخير من العام الفارط، وهو يتبادل عشرات المقاطع وآلاف الصور لما حدث في الساعة الأخيرة من نهار 2013.
ومن المفارقات المضحكة أن صحيفة مثل التايمز اللندنية، قد اختارت قصة نجاح زراعة أول قلب صناعي في صدر مريض فرنسي كأبرز حدث في العام الفائت، في اليوم الأخير ذاته الذي اعتدت فيه قبيلة عربية على وسم قبيلة أخرى على جلد ناقة دخلت صدفة أو عنوة إلى ميدان العرض.
أتعرفون ما الفرق بيننا وبين العالم من حولنا..؟ يعيشون العام 2014 ونحن في العام 1435، وكلا التاريخين بالميلادي.. وأعتذر عن الميلاد.