نجران: صالح آل صوان

طلاب: 'تآمر' وراء رسوبنا ,الملحق الثقافي: 'الشوشرة' لن تعدل من نتيجتهم ,مدير جامعة العلوم: 'الغريق يتعلق بقشة'

جدد رسوب أكثر من 30 طالباً سعودياً من أصل 137 دارساً في جامعة العلوم والتكنولوجيا بصنعاء في الاختبارات التي أعلنت نتائجها قبل عيد الفطر، أزمة هؤلاء الدارسين في اليمن المستمرة منذ سنوات.
وفيما قال بعض الطلاب، إنهم سيرفعون شكوى إلى وزارة التعليم العالي خلال الأيام المقبلة حول تشكيكهم بالنتائج، أثار تأكيد مدير الجامعة حميد عقلان، صحة النتائج، حفيظة الراسبين ليطلقوا اتهامات بكل الاتجاهات طالت الجامعة والملحقية وسط إصرار الملحق الثقافي الدكتور علي الصميلي، على أن إهمالهم أدى إلى ضعف تقديراتهم، وبالتالي افتعال الأزمات وإصدار التهم جزافاً، على حد وصفه.
الوطن تواصلت مع أطراف القضية أي الدارسين والملحقية والجامعة، للبحث عن الحقيقة الغائبة وعادت بالتقرير الآتي:
هجوم الدارسين

في البداية اشترط الدارسون عدم ذكر اسمائهم، خوفاً من مضايقتهم من قبل طرفي النزاع. ويقول أحدهم، إنه يعتقد أن هناك تآمراً بين الملحقية والجامعة لتظهر نتائجنا بهذه الصورة السيئة. ويشير إلى أن الجامعة طردت أثناء الامتحانات من داخل اللجنة هذا العام بحجة أنه صدر قرار بحرماني على الرغم من أنني لم أتلق إشعاراً بهذا الحرمان المفاجئ.
ويقول طالب آخر، إنه كان قد قدم متطلبات لإحدى المواد في قسم العلاج التحفظي بكلية طب الأسنان، وفي نهاية العام الجامعي اكتشفت عدم تسجيل أي متطلب قدمه.
ويذهب طالب ثالث إلى أبعد من ذلك، فيتهم الجامعة بـمضايقة الدارسين السعوديين بالذات، ونتج عن ذلك وجود رسوب كبير بين السعوديين تحديدا، بسبب مشاكل بين الطلبة السعوديين وأساتذة الجامعة. ويضيف: بعد قرار وزارة العمل في المملكة بتصحيح أوضاع المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل، وترحيل عدد من المخالفين اليمنيين، أفصح لنا عدد من الأساتذة بالجامعة علناً عن غضبهم من ذلك قائلين: أنتم تقطعون أرزاقنا، ولهذا استمر التمييز ضدنا فيما يعاملنا زملاؤنا من الجنسيات الأخرى بطريقة أفضل.
لقاء ومشاكل

ويروي طالب رابع ما حصل قائلاً: راجعنا الملحقية الثقافية السعودية وقدمنا عدة ملاحظات على الجامعة، فما كان منها إلا أن أحضرت مدير الجامعة إلى الملحقية وعقد لقاء مع الطلاب والطالبات، وقدمت وعوداً لم ينفذ منها شيء، وبعدها أقبلت المشاكل وزادت علينا من خلال صدور عدد من قرارات الحرمان وإخراج مجموعة منا من داخل لجان الجامعة في اختبارات نهاية العام الأخيرة، وعندما لجأنا إلى الملحق الثقافي أجابنا بعبارة: أنتم فالحون فقط في الشكوى لصحيفة الوطن، لو التزمتم الصمت لكنت خدمتكم، ولهذا لن أخدمكم. وتابع الطالب روايته: عندما سألناه لماذا؟ أجاب: هذه أخلاقيات عمل لم تلتزموا بها.
ويشير طالب آخر، إلى رسوبه مع بقية زملائه السعوديين في 3 مواد بنفس النتيجة، ويقول: حصلنا في مادة من المواد على أعمال السنة 31 من 60، والدرجة النهائية 35 من 100، يعني أننا أخذنا في الاختبار النهائي على 4 درجات من 40 بصفة جماعية وهذا لا يعقل.
بعد العيد

وتكشف طالبة عما سيفعله الدارسون قائلة: سنجتمع بعد عيد الفطر المبارك إذا رجعنا إلى اليمن، ونقوم بالتوقيع جميعا على خطاب نرفعه للوزارة، نشرح فيه التفاصيل الكاملة لمعاناتنا التي طالت، ونؤكد أن الملحقية لم تخدم الدارسين السعوديين بالشكل الذي نأمله، وأنها لم تلب احتياجاتنا ومصالحنا كاملة، بعد أن قدمنا لها أكثر من شكوى ولم نجد التعاون من القائمين على الملحقية إذ كان الدكتور الصميلي، يتحجج بالنظام القاسي الذي لا يحمل استثناءات خاصة لحل وضعنا.
أزمة مالية

وتستغرب طالبة أخرى من أسلوب الموظفين في الملحقية في التعامل مع الدارسـين السـعوديين، فتقـول: نحن لا نـريد من يمن علينا، فـهذا عملـهم ومـن واجـبهم خدمـة أبناء وبنات المملكـة، مؤكدة أن بعض الطلاب والطالبات يجاملون الملحقية من وراء بقية زملائهم أملا في أن تتم إعادة الصرف عليهم، وهذا الشيء الذي لـم يحـصل أبدا. وتضيف: نحن في السنوات الأخيرة من دراستنا الجامعية في اليمن، تزيد مستحقات كل منا عن 100 ألف ريال ولم يتم صرفها، وهـذا سـبب لنا أضـرارا معـنوية ونفسـية، وبالتالي انعكـست تلك الظروف على تحصيلنا الدراسي.
رد الملحقية

وواجهت الوطن الملحق الثقافي السعودي في اليمن الدكتور علي الصميلي، باتهامات الدارسين، فعلق عليها قائلاً: الحقيقة إنهم يلجؤون للشوشرة والادعاءات الباطلة، اعتقاداً منهم بأن ذلك سيعدل من نتيجتهم الدراسية السيئة عن طريق إثارة البلبلة على الجامعة والانتقاص من أداء الملحقية، متناسين كل الجهود التي بذلتها الملحقية لمحاولة تذليل كل الصعاب التي قد تعترض طريقهم طوال فترة إصرارهم على مواصلة الدراسة دون تقدم. وأضاف: لن أسرد ما قدمته الملحقية لخدمة طلابها وطالباتها لأن هذا واجبنا الذي وضعنا من أجله وليس لنا فضل فيه أو منة على أحد، لكن الدارسين الذين يتهمون الجميع لم يقدموا أبسط الواجبات الملقاة على عاتقهم تجاه وطنهم وأهلهم الذين ينتظرون منهم الكثير ليعودوا رافعين رؤوسهم عالياً لخدمة بلادنا الغالية التي لم تبخل بشيء، ومع ذلك فقد ثبت لدينا في الملحقية بصفة قطعية أن من يحاولون الإساءة في تعامل الجامعة والملحقية معهم والتشكيك في نتائجهم غير منضبطين من خلال تغيبهم الكثير عن المحاضرات وعدم اهتمامهم باستذكار المواد رغم أنهم يدرسون الطب، فكانت النتيجة رسوبهم الذي نأسف له كثيرا.
وتابع الصميلي: هناك أمثلة كثيرة على ذلك لا أرغب في حصرها هنا حفاظا على مشاعرهم، منها على سبيل المثال حرمان أحدهم من دخول الاختبارات النهائية لأنه كان متغيبا أصلا عن الاختبارات النصفية، وبالتالي قام أستاذ المادة بحصر غيابه ومن ثم حرمانه عندما تجاوز غيابه النسبة المقررة للحرمان.
واختتم الصميلي تصريحه قائلا: مع أن الملحقية تثق في نزاهة وأمانة القائمين على كافة الدارسين السعوديين في جامعة العلوم والتكنولوجيا من حيث دقة العمل وسلامة أسئلة الاختبارات والتصحيح والرصد وإظهار النتيجة، إلا أنني أفتح المجال وأوجه الدعوة لأي طالب أو طالبة من الذين يتحفظون على النتيجة بأن يتقدموا بشكوى إلى الملحقية، ثم سنقوم بدورنا مع إدارة الجامعة لمناقشة احتجاجه وإقناعه أو إنصافه إذا كان على حق، مؤكدا أن الملحقية ستستمر في تطبيق أنظمة ولوائح وزارة التعليم العالي في المملكة التي تقتضي عدم الصرف على الدارسين الراسبين في الخارج.
رد الجامعة

الغريق يتعلق بقشة، بهذه العبارة بدأ مدير جامعة العلوم والتكنولوجيا بصنعاء الدكتور حميد عقلان، إجابته عندما عرضت عليه الوطن الهجوم الذي شنه عدد من الدارسين السعوديين على الجامعة، وقال: أولاً هذه الاتهامات جميعها غير صحيحة لأن الدارسين من أبنائنا وأشقائنا السعوديين هم من أكثر الطلاب الذين نتعاون معهم، فليس لنا مصلحة مطلقا في استمرار تأخرهم الدراسي لأنهم بهذا التأخر سيبقون عبئاً على وطنهم وأهليهم وعلينا وعلى الملحقية. وأكد أن لا صحة أبداً لما ذهبوا إليه من اتهام الجامعة بأنها تعمل على تأخير فترة تخرجهم للاستفادة من الرسوم الدراسية، لأنهم لا يعلمون أن الجامعة تخسر مادياً من بقائهم لديها وهم راسبون، فنظام وزارة التعليم العالي في المملكة واضح وصريح في عملية الصرف المالي، وتحمل نفقات الدراسة إذا انتهت الفترة المفترضة لتخرج الطالب أو الطالبة عند ذهابهم لمواصلة التعليم الجامعي في مختلف دول العالم، حيث يتوقف الصرف عن الراسبين في فترة محددة، ومع ذلك يبقى محسوبا علينا ويظهر الجامعة وكأنها مقصرة في حق هذا الطالب الفاشل دراسياً.
وأضاف الدكتور عقلان: حاولنا بشتى الطرق أن نسهل طريق أولئك الدارسين نحو التخرج لكن دون جدوى، بل وضعونا في حيرة من أمرنا، فمن الصعب أن نطردهم خارج الجامعة والأصعب من ذلك استمرارهم ضمن منسوبينا وهم مقصرون، لدرجة أن أحدهم لا يزال يتأرجح في مسألة تخرجه منذ عشر سنوات. وتابع: بعد اندلاع الأحداث في اليمن وقرار وزارة التعليم العالي في المملكة بإيقاف الابتعاث إلى اليمن، قدمنا كل صور التعاون مع من بادروا في الاستجابة للمغادرة، وزودناهم بكافة الوثائق التي تخول لهم الانتقال للدراسة في الدول الأخرى رغم تبقي بعض المستحقات المالية على بعضهم، أما من تبقى منهم فقد طبقت الملحقية عليهم اللوائح المنظمة للصرف من قبل الوزارة، وحددت من يشمله الصرف ومن لا يستحق، ثم تلقينا شفاعة الدكتور الصميلي، لدى الجامعة ولدى وزارة التعليم العالي قبل بداية العام الجامعي، المتضمنة إعطاءهم الفرصة للرفع من معدلاتهم حتى يشملهم الصرف، لكن نتائجهم بقيت كما هي بل زاد عدد الراسبين منهم، وعندما أصدرنا النتائج قبل أسابيع كانت نتائجهم سلبية لم يقتنعوا بها، فثارت ثائرتهم ضد الجامعة واتهمونا بأننا بيتنا النية لرسوبهم وشككوا في نتائج الاختبارات، وعندها تواصل معنا الملحق الثقافي ونقل لنا تلك الادعاءات، فأكدنا له أن من حق أي طالب أو طالبة من الدارسين السعوديين الرافضين للنتيجة التقدم بأي تظلم، وسوف أستدعي الزملاء المحاضرين مدرسي المواد لمناقشة هذا التظلم، وإذا ثبت وجود أي خطا فأعلنها بالفم الملآن أنني سأتحمل المسؤولية بكل شجاعة وأستقيل من عملي كمدير للجامعة، فهذه مسؤوليتنا أمام الله وأمام ضمائرنا أن يتخرجوا أطباء أكفاء لهذه المهنة العظيمة والدقيقة في نفس الوقت.
وحول اتهام الدارسين بوجود اتفاق بين الملحقية والجامعة لتطفيشهم من الدراسة حتى يعودوا إلى المملكة؟ أجاب: عندنا طلاب وطالبات من مختلف دول العالم من العرب والعجم والمسلمين والهندوس والمسيحيين بطاقة استيعابية بلغت أكثر من 20 ألف طالب وطالبة، ونتعامل معهم جميعا بأسلوب واحد منذ السنة الأولى لافتتاح الجامعة، ومن يكون على قدر كبير من الحرص والاهتمام يتمكن من التقدم العلمي بكل يسر وسهولة، فهم عندنا سواسية ولم نصل إلى مرحلة التآمر على نتائج الطلبة السعوديين لأننا لسنا ممن يمكن أن يبيع دينه على حساب دنيا غيره.
متميزون لسنوات

وعن تقييمه لمستوى الدارسين السعوديين في الجامعة بصفة عامة؟ أجاب: السعوديون كانوا من أوائل الخريجين المتفوقين لعدة سنوات، وبعضهم يواصل درجة الزمالة في المملكة أو في أميركا وعدد من الدول، وشاركونا في جميع الأنشطة الثقافية كأسرة واحدة نتبادل سويا أقوى معاني المحبة والاحترام، أما من تبقى من الدارسين السعوديين بعد قرار الوزارة إيقاف الدراسة في اليمن، والذين يدرس أغلبهم في تخصصين هما الطب البشري وطب الأسنان، فتتباين مستوياتهم حسب اجتهاد كل منهم، وكانت أسئلتنا لهذا العام في متناول الجميع تقيس مختلف مستويات من نأمل أن يتخرج طبيبا في المستقبل، وبعضهم حقق درجات عالية، والأكثرية كان أداؤهم مقبولا أو ضعيفا، وهذا يعني أن الفرق بين المتفوق والمقصر يبقى واقفا على مدى اهتمام الطالب بنفسه وبمستقبله.
حياد الوطن

الوطن كعادتها التزمت الحيادية التامة في متابعة القضية أولا بأول منذ صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بضم أكثر من ألف طالب وطالبة كانوا يدرسون على حسابهم الخاص في اليمن إلى برنامج الابتعاث، حتى اندلعت أحداث الثورة اليمنية وتحديدا في 20/ 7/ 2011 الذي شهد مقتل الطالب السعودي محمد الكثيري، أصدرت على إثرها وزارة التعليم العالي قرارا أوليا بتعليق دراسة السعوديين في الجامعات اليمنية حتى إشعار آخر.
وبعد أن تصاعد التوتر الأمني في اليمن قررت الوزارة إيقاف الصرف ضمن برنامج الابتعاث لجميع الدارسين في اليمن حفاظا على سلامتهم، إلا أن 137 طالبا وطالبة سعوديين، كسروا حظر وزارة التعليم، وأصروا على مواصلة دراستهم الجامعية في اليمن على حسابهم الخاص.
وفي بداية العام الجامعي 2012 تجمع عدد من الطلاب والطالبات أمام مقر الملحقية السعودية في صنعاء، للمطالبة بإعادة إلحاقهم ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، والتقاهم الدكتور الصميلي، الذي كان حديث عهد بإدارة الملحقية آنذاك، وقدموا له اعتذارهم على خلفية تلك التجمعات الطلابية، ومن ثم وعده لهم بالرفع إلى وزارة التعليم لتلبية مطالبهم، ونشرته الوطن في عددها الصادر بتاريخ 19/ 5/ 2012 تحت عنوان الملحق السعودي للمبتعثين باليمن: مطالبكم على خشمي، إلا أن الأزمة أخذت تصعيدا كبيرا عندما تقدم عدد من الدارسين بشكوى إلى وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري، الذي وجه بالتحقيق فيها، نشرتها الوطن بتاريخ 8-4-2013 تحت عنوان أزمة ثقة بين الملحقية الثقافية السعودية في صنعاء والدارسين. وتضمنت الشكوى عدة مطالب واتهامات للملحقية بتضييق الخناق عليهم نحو مواصلة دراستهم في اليمن، وهو الأمر الذي نفاه وقتها الملحق الثقافي، أعقبها نشر تفاصيل استدعاء السفير السعودي في اليمن علي الحمدان، لأحد الطلاب الذين اتهمته الملحقية بتزوير توقيعات طلابه ورفعها للوزارة، إلى أن تسبب ظهور نتائج اختبارات نهاية العام الجامعي أخيرا ورسوب عدد كبير منهم، في رفع وتيرة الأزمة بين الدارسين والملحقية، ودخول جامعة العلوم والتكنولوجيا بصنعاء على خط الأزمة، عندما شكك الدارسون في نتيجتهم ونشرته الوطن بتاريخ 21-7-2013 تحت عنوان الطلبة السعوديون يشككون في نتائج جامعة العلوم بصنعاء، في الوقت الذي كانوا قد وقعوا على أنفسهم تعهدا خطيا لدى الملحقية الثقافية، أن يجتهدوا في دراستهم الجامعية وأن يرفعوا من معدلاتهم، لتشملهم عملية إعادة الصرف عليهم.