شكرا لـالوطن لأنها منحت السعوديين وبالمجان موضوعا يتكلمون فيه ريثما يعود نادي النصر إلى مبارياته، وللحق لم يستوقفني الخبر المنشور على صدر هذه الصحيفة قبل أيام عدة، حول أسعار سيارات أصحاب المعالي، واعتمادات المالية لهذه السيارات. السبب أنه لا يشكل فارقا ماليا حقيقيا إذا ما نظرنا إلى عدد الوزراء القليل، ولا يشكل فارقا ماليا حقيقيا إذا ما نظرنا إلى مصروفات أخرى بالهبل على موائد ليس لها عوائد، وعلى رحلات تعبت منها المطارات حتى قيل لأهل المعالي: خففوا الأسفار.
ما استوقفني هو ما وراء الخبر من تعليقات تويترية وهاشتاق نشط، وكل يدلي بدلوه، وكأنه الفاهم الوحيد في هذه البلاد من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها.
لا مشكلة؛ فجميع السعوديين أصبحوا محللين وكتابا وخبراء وأصحاب رأي، حتى الذين لا يفرقون بين الخاء والباء أصبحوا في هذا العصر المعلوماتي العولمي الرقمي التواصلي يكتبون وينظّرون، لكن المشكلة في الغضب من اعتمادات أسعار سيارات أصحاب المعالي.
السعودي صار يفتش عن أي شيء ليقول أي شيء، وينتقد كل شيء، لا لشيء، إلا لتفريغ شحنات سالبة مجهولة المصدر، ولا فائدة من كل هذا الهياط النقدي إلا التفريغ؛ لأن النقد الشعبوي العام لا يقوم على معطيات حقيقية ولا يقرأ لغة الأرقام جيدا. النقد الشعبوي العام ينطلق من العواطف ويسير مع الخيل يا شقرا، ولذلك نجده دون نتيجة لأنه بلا أساس، أو بلا منطلقات، وكان الأولى بمن لا يعرف تفاصيل الأشياء ودقائقها أن يكون مثل شريم الذي قالوا له: انفخ يا شريم قال: ما به برطم.
المشكلة أن شريم السعودي يصر على النفخ، ويظن أنه ينفخ.
أكثر التعليقات التويترية على موضوع سيارات أصحاب المعالي صالحة لمواقف كثيرة؛ ابتداء من أسعار الطماطم، إلى أسعار عقود لاعبي دوري جميل، والسبب، وضعوا تحته خطا أحمر: أنها كليشات جاهزة للتعليق على أي شيء لا لشيء إلا التفريغ.
في الهاشتاق الخاص بسيارات أصحاب المعالي، لم أقرأ كلاما لمتخصصين في الميزانيات أو لقانونيين، ولكني قرأت ما هب ودب من الجمل التي لا تفيد إلا شيئا واحدا، وهو: أننا شعب يزعل من لاش.
أدعوكم إلى أخذ ورقة وقلم، وإجراء حسبة بسيطة جدا، وستجدون أن الموضوع ما يستاهل، وأن فارق المبلغ لا يساوي كلفة بشر وسفلتة شارع فرعي في سراة عبيدة العامرة.