كثير من الصحف التي تباشرت بدخول جامعتين سعوديتين ضمن أفضل 500 جامعة في العالم رأت ألا تعكر البشرى بذكر الترتيب الذي حصلتا عليه وأن أفضل جامعاتنا لم تكونا ضمن المئة جامعة الأولى على مستوى العالم ولا حتى المئتين، بل احتلت جامعة الملك سعود المرتبة 324 بينما جاءت جامعة البترول والمعادن في المرتبة 427. والمقاييس التي تخضع لها الجامعات في هذا التصنيف لا علاقة لها بتفوق التعليم ولا جودة التأهيل ولا حتى مزايا الخريجين حين ينخرطون في سوق العمل. أما أهم المؤشرات المستخدمة في المفاضلة فهي تتضمن عدد الطلبة والأساتذة الحائزين على جوائز نوبل، وعدد الباحثين البارزين، وعدد المقالات المنشورة في كبريات الدوريات. وربما صرفت الجامعتان الكثير على استقطاب (النوبليين) والأبحاث والنشر، إلا أنه ربما كان السبب الأهم في تراجع ترتيبهما وخروج باقي الجامعات من التصنيف كليا هو عدد الطلبة الذي لا يصرف عليه شيء، فالأخذ بنتائج (قياس) قلص الأعداد كثيرا كما طوح بأصحاب الامتيازات التي تمنحها وزارة التربية والتعليم فراحوا يسيحون في الأرض بحثا عن دورة حاسب أو دورة لغة!
و لو افترضنا أن تصنيفا عالميا طال وزارات التربية والتعليم، ما هو الترتيب المتوقع لوزارتنا العزيزة؟ ولنفترض أن مؤشرات المفاضلة هي رضا العاملين وجودة التأهيل وسرعة التهام الجامعات لخريجي مدارس الوزارة وتسابقها على إلحاق عباقرة الوزارة. الحق أن الذي يتابع قضايا وتذمر منسوبي الوزارة ويرى الأعداد الهائلة من خريجي المدارس الثانوية الواقفين في رمضاء (قياس) على رصيف الشتات لا يتوقع أن تدخل الوزارة ضمن التصنيف العالمي، ويتوقع أن تكون الوزارة راضية تماما بهذا، فهي نفسها لا تثق بمناهجها ولا طرائق تدريسها، بدليل أن الطلبة يبقون تحت عهدتها اثنتي عشرة سنة راضخين لمناهجها وتجاربها ومبانيها المتواضعة ويتخرج الأبطال بنسب تصل 99%، وإذا أفتى (قياس) بأن قدراتهم ومهاراتهم غير منافسة ولا تستحق في نظره أكثر من 60 % قالت الوزارة الأمر أمرك يبه و الشور شورك يبه ولم تتهم تأهيلها ولم تبادر بتحمل وزره، بل تساهم في تحميل ضحاياها ذنبها، فنجد أن الكليات التابعة لها - وهي ليست ضمن القائمة العالمية - أول من يرمي استمارات التفوق الصادرة عنها (في وجوه أصحابها)!