حين يحدث تجاوب إيجابي مع احتفالية العالم أمس بيوم اللغة العربية فإن ذلك مؤشر على وجود قابلية لدى كثير من الجهات والأفراد لدعم لغتنا ورفدها بما يسهم في تقويتها في حالة جمعية يمكن تزايدها عبر حالة التأثر بالمحيط والبيئة الحاضنة.
ثمة نقاط مضيئة على المستوى العربي يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار للدلالة على أن الأمر يمكن تعميمه وتطويره، لتتحول احتفالية اليوم الواحد إلى اهتمام ممتد على مدار العام، ففي المملكة ـ بحسب المنشور أول من أمس في الوطن ـ جاءت مبادرة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية لتشكل نموذجا لأحد جوانب كيفية توظيف الإمكانات لدعم اللغة العربية، عبر مخاطبته للوزارات والجامعات والمؤسسات الثقافية والعلمية داخل المملكة وخارجها، محملا خطاباته عددا من المقترحات والمرئيات والوثائق لتوظيفها في يوم الاحتفاء باللغة العربية.
كذلك فإن الأنشطة والفعاليات التي نظمها الكثير من الجهات الرسمية وغير الرسمية في المملكة وفي دول الخليج العربي وبعض الدول العربية الأخرى، تعد إسهاما فاعلا في وقته، وحبذا لو فكر القائمون على تلك الجهات كلها بأن يمنحوا تلك المناشط صفة الاستمرارية، لتكون دورية كل شهر أو تعد برامج ربع سنوية، بحيث يستعد المهتمون للحضور بصورة مبكرة من خلال الجدول المعلوم والموزع عبر وسائل الإعلام وغيرها.
ومن الممكن أيضاً أن تتولى الجهات المعنية باللغة العربية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كوزارات الثقافة والإعلام، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، واتحادات وروابط الأدباء والكتاب والصحفيين... وغيرها تقديم مقترحات للجهات الأخرى، والاستعداد سنويا ببرامج خاصة بتوسيع قاعدة الاهتمام باللغة العربية. ومن المفيد أيضا إقامة مسابقات إبداعية للشباب والناشئين تمنح فيها جوائز مادية ومعنوية للفائزين، والاتفاق مع بعض الصحف على نشر الأعمال الفائزة أو الجيدة التي تستحق جوائز تقديرية. فمثل تلك المبادرات لن تؤثر في الفائز فقط، بل تنتقل إلى ما يجاوره من أهل وأصدقاء وزملاء.
إلى ذلك، هناك مجال كبير للمبادرات الفردية، ومن أبسطها أن يدخل المتمكنون من اللغة والقادرون على تقريب الجيل الجديد إليها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، فالكثير من الشباب فيها يحتاجون من يقوّم لغتهم وينصحهم ويحببها إليهم، وهناك طاقات شبابية جيدة موجودة على تويتر وفيسبوك تحتاج قليلا من الصقل لتصبح رافدا لعشاق اللغة في نشرها وصناعة ذائقة جمعية تتقبلها بجمالياتها وقدراتها البلاغية والتصويرية التي لا توجد في لغة أخرى.