من الظلم اختصار إنسان في كلمة واحدة.. ومن الظلم إطلاق شاعرة على سعاد الصباح.
سعاد كانت تمتلك من الألقاب بالنسب ما يكفيها طوال حياتها.. ونالت من الألقاب العلمية بجدارتها واجتهادها ما يرفع رأسها على مدى العمر.. لكنها اكتفت بلقب شاعرة، وهي الدكتورة والشيخة.
الشاعرة سعاد الصباح بدأت من مدرسة الخنساء الابتدائية تعليمها.. فاشتهرت شاعرة بكلماتها التي عبرت على لوح الإبداع إلى الجمهور الذي استغنى عن كل الألقاب وكل الإنجازات التي حققتها مكتفيا بإبداع الشعر.. تتويجا لعذوبة كلماتها.
ولدت وعاشت في بيت سياسة واهتمت بالتاريخ ودرست الاقتصاد والتنمية فأنتجت في المؤلفات.. وكتبت الشعر فاعتلت عرش الشعر النسائي الخليجي ودونت فيه الدواوين.. وكانت الشاعرة بلا كل الألقاب.. بينما سيرتها تقول إنها زوجة نائب حاكم البلاد، ووالدة الوزير، والناشرة، وصاحبة أعلى الشهادات العلمية.. فلا هي شيخة ولا هي دكتورة، بل هي الشاعرة وكفى تعريفا..
سعاد الصباح كانت وما زالت في قلب الحكم وإدارة البلاد.. بينما اشتهرت بعيدا عن السياسة، وعرفت وسط ميادين الشعر والأدب والإبداع، فأصبحت كلمة عربية تنطق بلسان العرب ولسان الحب.
يقترن اسم سعاد الصباح بـالشاعرة استحقاقا، بينما الحقيقة أنها إلى جانب ذلك، هي رفيقة نائب حاكم الكويت الشيخ عبدالله المبارك الصباح في فترة حكم الشيخ عبدالله السالم الصباح، وقد تزوجها عبدالله المبارك وأنجب منها محمد ومبارك وأمينة وشيماء وتوفي 1991، مخلفا لها إرثا سياسيا وتاريخيا ضخما، نال نصيبا من اهتمامها وتوثيقها وألفت في زوجها كتابا تاريخيا توثيقيا بعنوان صقر الخليج عبدالله المبارك الصباح طبع عام 1995.
ولا ينسى التاريخ مرثيتها بزوجها الشيخ عبدالله المبارك الذي استقال من كل مناصبه عام 1961 وغادر الكويت وتوفي عام 1991 فقالت تبكيه:
ها أنت ترجع مثل سيف متعب/ لتنام في قلب الكويت أخيرا..
يا سيدي.. إن الشجون كثيرة / فاذهب لربك، راضيا مبرورا.
سعاد الصباح المولودة في الزبير بالبصرة في العراق عام 1942، رسمت صورتها ورسخ شكلها في الأذهان مرادفا للشعر النسائي الخليجي وذلك بتاج بلغ 15 ديوانا، ومع ذلك لم تبخل على تخصصها الاقتصادي بشيء من العلم والمعرفة فقدمت 6 مؤلفات في الاقتصاد والتنمية ودور المرأة فيها، وهو الشيء الذي لم يعرف عن سعاد، رغم أنها أول سيدة كويتية تقدم رسالة الدكتوراه في الاقتصاد باللغة الإنجليزية.
كانت سعاد خبيرة في السياسة وباحثة فيها ومتخصصة في علومها وعلوم التنمية والاقتصاد.. فبعدما نالت البكالوريوس في تخصص الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة، درست الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة ساري جلفورد في بريطانيا، وكانت رسالة الماجستير بعنوان التنمية والتخطيط في الكويت، ورسالة الدكتوراه بعنوان التخطيط والتنمية في الاقتصاد الكويتي ودور المرأة.
ثارت بنت الكويت وبنت الشاطئ حين غزا صدام حسين بلادها فشاركت في اللجنة العليا لتحرير الكويت من الغزو الغاشم، وعقدت المؤتمرات دفاعا عن وطنها في أوروبا وأميركا.
وحب سعاد للإبداع قادها إلى تأسيس دار نشر، وتبني مسابقات لتشجيع الشباب العربي على الإبداع الأدبي والعلمي، وقدمت عام 1988 جائزة سعاد الصباح للإبداع الفكري، وبادرت بتكريم الأدباء والمبدعين العرب تقديرا لأعمالهم.