لا أعرف أصل كلمة فاترينة، لكنها واجهة زجاجية يتم استخدامها في المحلات والمعارض التجارية بشكل موسع.. يتم عرض البضائع وسطها.. لا تكاد اليوم تمر على أي محل ـ في جميع أسواق العالم ـ دون أن تكون واجهته عبارة عن فاترينة ضخمة لعرض بضائعه..
بل إنها اليوم أصبحت وسيلة جذب قوية، بعدما كانت مجرد وسيلة تنبيه.. إذ يعمد أصحاب المعارض إلى عرض أجمل ما لديهم من خلال هذه الفاترينات الزجاجية.. قد يكون المحل مكدسا بالبضائع النفيسة والنادرة.. لكن عرضها أمام الناس كفيل باستدراجهم والحصول على ما في جيوبهم!
أود القول إن عرض البضائع ـ أيا كانت، فساتين أم سيارات أم غيرها ـ أمام الناس كفيل بتسويقها وانتشارها ومضاعفة الفائدة من ورائها.. هذا يدفعني للقول إن لدينا نشاطات ثقافية منبرية فنية، فخمة وضخمة.. لكنها حبيسة الصالات والمسارح المغلقة..
نطوف أحيانا في بلاد الله الواسعة، فنشاهد جزءا من حضارة تلك البلدان في الهواء الطلق.. فنون، فعاليات، معارض، لوحات فنية، فلكلور.. كلها تعرض أمام الناس بصورة حضارية منظمة جميلة في أماكن مخصصة لذلك.. يشاهدونها الناس في طريقهم وجولاتهم بل وأثناء ممارستهم لرياضة المشي.. بعيدا عن طقوس وأنظمة المسارح ودور العرض التقليدية الخانقة.
ينبغي أن تخرج الفعاليات من إطارها التقليدي.. يفترض أن تخرج أنشطتنا إلى الشارع.. يجب أن نسير بها نحو أماكن الناس وممراتهم وأرصفتهم ومقاهيهم.. ما الذي يمنع أن يقام محاضرة أو ندوة أدبية على الشاطئ.. أو أمسية شعرية في إحدى الحدائق العامة.. والقياس واسع.. قد يكون هذا طرحا مثاليا غير مقنع.. لكن من يشاهد الجفوة الكبيرة التي تشهدها القاعات والمسارح، يدرك أن الذهاب إلى الناس حيثما كانوا هو الحل الأنسب.