المعدلات المنخفضة من خريجي كليات الطب وبرامج التدريب والزمالة المحلية من المواطنين والمواطنات هي أحد الأسباب الرئيسة للنسب العالية لتوظيف غير السعوديين في وزارة الصحة حتى إنها بلغت 70?

مضت ثلاثة أشهر على انعقاد منتدى فرص الأعمال السعودي الأميركي في دورته الثالثة، الذي جرت أحداثه في مدينة لوس أنجلوس بكاليفورنيا. حضر المنتدى من الجانب السعودي آنذاك العديد من وفود القطاعات الحكومية ومن أبرزها الوفد الصحي الذي شارك المجتمع الأميركي برؤية واستراتيجية وزارة الصحة عبر جلسة نقاش أدارها وكيل وزارة الصحة المساعد للتطوير والتخطيط بعنوان: بناء قطاع الرعاية الصحية من خلال الابتكار والتقنية.
بدأت جلسة النقاش بعرض تقديمي من وكيل وزارة الصحة للتخطيط واقتصاديات الصحة وبشرح تفصيلي لـهاوية القوى العاملة الصحية التي تواجهها المملكة وهي النقص الشديد في الأطباء خاصة والكوادر الصحية عامة.
ذكر وكيل الوزارة لحضور جلسة النقاش من الجانب الأميركي أن وزارة الصحة السعودية تقوم بتعويض هذا النقص عن طريق توظيف غير السعوديين من مختلف أرجاء العالم، وأيضا عن طريق بعض وسائل الابتكار والتقنية؛ خاصة وأن الوزارة عندما تنتهي من بناء مستشفياتها الجديدة حول المملكة ستواجه نقصا هائلا في الأطباء يبلغ عدده ثمانين ألف طبيب.
وسأل وكيل الوزارة المساعد للتطوير والتخطيط، المشرف على إدارة جلسة النقاش، زميله وكيل الوزارة للتخطيط واقتصاديات الصحة عن الفترة الزمنية المتوقعة لوصول المملكة للاكتفاء الذاتي من الكوادر الصحية الوطنية وعن مدى رغبة المملكة بذلك. أتت إجابة وكيل التخطيط واقتصاديات الصحة سريعة بأن وزارة الصحة ليست مسؤولة مباشرة عن توجيه خريجي الثانويات للكليات الطبية والصحية، ومع ذلك فإن هناك توسعا في عدد الكليات الطبية والصحية في المملكة، ولكن للأسف فإن معدلات خريجيها لا تفي باحتياجات القطاعات الصحية في المملكة.
هذه المعدلات المنخفضة من خريجي كليات الطب وبرامج التدريب والزمالة المحلية من المواطنين والمواطنات هي أحد الأسباب الرئيسة للنسب العالية لتوظيف غير السعوديين في وزارة الصحة؛ حتى إنها بلغت 70?، كما ذكر وكيل الوزارة في إجابته أنهم مستمرون بهذه الاستراتيجية حتى لا يختل تقديم الخدمات الصحية للمواطنين.
لم يكن في جلسة النقاش هذه ممثل للهيئة السعودية للتخصصات الصحية، وقد يكون ذلك بسبب أن وزارة الصحة تمثلهم، خاصة وأن الوزير ونائبيه هم من أعضاء مجلس أمناء الهيئة التي تتجاهل أبناء المواطنات السعوديات من الأطباء والطبيبات، ولا تقبلهم في برامجها التدريبية كأطباء مقيمين وإن قبلتهم استثنائيا فهي تقبلهم من دون توظيف ورواتب.
نهج الهيئة السعودية للتخصصات الصحية هو خرق لنظام المساواة بين أبناء المواطنات من آباء غير سعوديين وأبناء المواطنين السعوديين في التعليم العام والعالي، حيث إن برامج الزمالة التدريبية الوطنية تعد تعليما عاليا يخضع للأمر ولم يتم استثناؤها.
هذا الخرق يبدأ من فترة الامتياز؛ حيث يتم الاقتصاص من رواتب أطباء وطبيبات الامتياز أبناء المواطنات السعوديات من آباء غير سعوديين لتصل لنصف رواتب نظرائهم من أبناء المواطنين السعوديين!
من الازدواجية أن يتنطع وفد المملكة الصحي في منتدى فرص الأعمال السعودي الأميركي قبل عدة أشهر حول فرص التوظيف الهائلة لمحاولة تعويض هاوية الكوادر الصحية التي أسهمت في صنعها استراتيجية الوزارة ذاتها، وفي نفس الوقت يتم إهدار استثمار المملكة في بناء الكوادر الصحية من أبناء المواطنات.
كيف يتم تعطيل النظام الخاص بأبناء المواطنات السعوديات من آباء غير سعوديين بمساواتهم بنظرائهم من أبناء المواطنين السعوديين في التعليم العالي الصحي ممثلا ببرامج الزمالة التدريبية؟ من المسؤول عن استغلال مواطنتهم ومواطنة أمهاتهم السعوديات لإجبار القلة القليلة التي تقبل منهم في هذه البرامج على العمل والمناوبات أثناء تدريبهم بلا رواتب؟ كيف يتم إهدار استثمار الدولة في إنتاج الكوادر الوطنية الصحية برميهم لدول الجوار، وفي نفس الوقت يذهب وفد سعودي لاستقطاب كوادر صحية غير سعودية من أقصى الأرض لا يميزهم سوى أن أمهاتهم لسن سعوديات؟
نحن بحاجة لتوضيح سبب الضبابية في توظيف وقبول الأطباء والطبيبات من أبناء السعوديات ببرامج الزمالة التدريبية المحلية.
نحن بحاجة لتدارك هذا الخلل في المواطنة وبحاجة لتصحيح المسار، ألا يكفي تسرب الكوادر الصحية المبتعثة خارج المملكة لنضاعفها بطرد الوطنية أيضا؟!