مساعد وزير الدفاع المصري الأسبق يدعو القوات المسلحة إلى حل سياسي بعيد عن 'الصدامات'
أكد مساعد وزير الدفاع المصري الأسبق اللواء نبيل فؤاد أن الأزمة السياسية في مصر أصبحت مشكلة مستحكمة وأن اللجوء إلى الحل الأمني في التعامل معها يمكن أن يدفع مصر إلى السقوط في مستنقع حرب أهلية. وأضاف في حوار إلى الوطن أن الخروج من الأزمة الراهنة يحتاج إلى شجاعة من كافة القوى المهيمنة على المشهد، سواء من جانب القوات المسلحة والعناصر المدنية وقطاع كبير من الشعب المصري الداعم لها، أو من فصيل قوى التيارات الإسلامية المدعومة هي الأخرى من قطاع لا يمكن تجاهله من المصريين.
كيف تقيم الوضع السياسي في مصر منذ أحداث 30 يونيو؟
الوضع في مصر أصبح معقداً جداً، والأزمة السياسية الراهنة باتت مشكلة مستحكمة، ولم يعد من الممكن حلها من خلال الاعتماد على أسلوب الحل الأمني فقط، لأن الاعتماد على هذا الحل دون غيره من شأنه أن يمثل خطورة كبيرة على الشعب المصري وعلى مصر كلها، ويمكن أن يؤدي إلى صدام بين القوى المتصارعة بصورة قد تصل إلى اندلاع حرب أهلية.
وكيف ترى سبل الحل؟
لا بد من حل سياسي، وهو يحتاج إلى شجاعة شديدة من الجانبين، سواء من جانب القوات المسلحة والعناصر المدنية وقطاع كبير من الشعب المصري الداعم لها، أو من فصيل قوى التيارات الإسلامية المدعومة هي الأخرى من قطاع لا يمكن تجاهله من المصريين.
لكن البعض قد يرى أن لجوء القوات المسلحة إلى حل سياسي مع القوى المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي ربما يقلل من هيبتها؟
إطلاقاً، لأننا في القوات المسلحة عندما نضع الخطة، نضع إلى جوارها خططاً بديلة، الأمر في التعامل مع الأزمة المصرية اليوم أشبه بالتعامل مع إدارة الحروب، ولا يشترط في أي حرب أن تسير على وتيرة واحدة، فأحياناً تسير الأمور وفق المخطط المرسوم، لكنها في أحيان أخرى تخرج عن مخططها، وبالتالي لا بد من ضع عدة بدائل للتعامل مع الأزمة، وبالتالي ليس عيباً أن يراجع الجميع من كلا الجانبين مواقفهم، وأن يمتلك الجميع الشجاعة الفائقة لقبول فكرة التقليل من حجم طموحاتهم بما يلبي المصلحة الوطنية المصرية والتي هي فوق الجميع.
تحولت سيناء إلى ساحة للعمليات الإرهابية، فمن المسؤول عما يحدث هناك؟
لا نستطيع تحديد مسئول واحد عن الأوضاع في سيناء الآن، فالموضوع تراكمي، وتتدخل فيه عدة عوامل داخلية وخارجية، وتبدأ أسبابها منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وزاد الأمر مع ثورة 25 يناير 2011، وأيضا بعد ارتفاع أعداد الجماعات المتطرفة هناك، وزيادة كمية السلاح المتدفقة للداخل مع ثورة ليبيا، من حيث الكم والنوع، فضلاً عن أن بعض الخارجين عن القانون وأعضاء تنظيم القاعدة الذين انضموا للجهاديين في سيناء، شكَّلوا قوة هناك وباتوا بؤرة إجرامية، واختاروا هذا التوقيت تحديداً في اعتقاد منهم بانشغال القيادة العامة للقوات المسلحة بأمور سياسية داخلية، كذلك هناك قوى خارجية تعمل بكل جهدها لإضعاف الجيش المصري والداخل، أولها إسرائيل، كما تحرص بعض الدول الغربية على عدم التئام جروح مصر، وهو ما يتضح جلياً في حديث وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس عندما أشارت إلى موضوع الفوضى الخلاقة، الذي أرادت أن يكون منبعه العراق، مطلقة عليها حينها واحة الديمقراطية، ثم نقلها إلى مصر.
هل ما زالت هناك مساعٍ لإحداث ذلك؟
في 25 يناير 2011، كان هناك مخطط لتنفيذ سيناريو سورية في مصر، إلا أن القائد الأعلى للقوات المسلحة آنذاك المشير محمد حسين طنطاوي كان لديه من الحنكة ما جعله يمنع حدوث ذلك، فمهما كانت أخطاء المرحلة الانتقالية التي وقعت خلال تولي المجلس العسكري إدارة البلاد فإن المشير بذل مجهوداً لتجنيب هذه البلاد مآسي وويلات دول أخرى، وما يحدث الآن في سيناء هو حرب عصابات، يحتاج علاجها مزيداً من الوقت، لأن العدو ليس واضحاً مثل الحروب النظامية، التي يعرف فيها من هو العدو، أما حرب العصابات فهي غير مباشرة، والعدو فيها غير واضح حجمه أو خططه أو تحركاته، فأمريكا ظلت تحارب في أفغانستان 10 سنوات وفشلت، وفي العراق مثلها وفشلت، الأمر مختلف في سيناء، لأننا في أرضنا، وليس صعباً كما كان الوضع في أفغانستان، وستضع القوات المسلحة نهاية لهذا الوضع، لكن عليها عدم الاندفاع وتوخي الحذر.
ماذا تقصد بعدم الاندفاع؟
أقصد أن يتأنى الجيش قبل أن يدخل في أي صدامات، حيث من الممكن أن يدفعه ضغط الشعب، ورغبته في إنهاء الأمر، في اتخاذ خطوات لا تتواءم مع الوضع في سيناء، وقد لا تكون مناسبة له، فالوضع هناك يحتاج بنسبة أكبر إلى معلومات أكثر منه إلى عمليات عسكرية، وعلى 3 جهات هي الأمن القومي والمخابرات الحربية والمخابرات العامة الجزء الأكبر من هذه المهمة، فعليها 75% من إنجازها، وعلى الجيش 25% فقط من العملية، لأن الحرب في سيناء تحتاج لمعلومات جيدة قبل تنفيذ أي عمليات عسكرية، فعلى سبيل المثال لا بد من التعرف على كل المنافذ التي يتحرك من خلالها الجهاديون داخل سيناء، والمنافذ التي تجلب إليهم الأطعمة والملابس التي يحتاجون إليها، للوصول إليهم.
كم يبلغ عدد هؤلاء الجهاديين على حد علمك؟
كان عددهم يبلغ المئات، والآن تصاعد إلى الآلاف بسبب عمليات التهريب، والتقديرات تذهب إلى أن عددهم الآن يبلغ 4 آلاف فرد.