أعتذر، أصالة عن نفسي، ونيابة عن زملائي الكتاب، والصحفيين، والمصورين ورسامي الكاريكاتير، والمدققين، والمدونين، والمغردين، والمهشتقين، والغاضبين بكل ألوانهم، وبمختلف صفاتهم، بسبب تسرعنا، وعدم تحققنا من المعلومات، واتهام الفساد زورا، ومحاولة إقحامه في طابور أسباب فشلنا وتراجعنا، والزج به في مسببات تعثر التنمية، وهو من ذلك براء، بعد أن أكد لنا رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد نزاهة بعدم وجود تأثير واقعي واضح للفساد في قطاعات الاقتصاد والتنمية وإقامة المشاريع، ولله الفضل والمنة والحمد.
أشعر بالذنب نظير المقالات السالفة، التي قلت فيها: إن الفساد هو سبب التخلف في التعليم والصحة وأزمة الإسكان، ورميت به في قضايا الفقر، وشرحت بأنه سبب تلاعب بعض التجار، وأنه السبب الرئيس في تعثر مشاريعنا المنسية، مرورا في الطرقات التي تطأ الحياة اليومية، وليس انتهاء بالجسور التي تمر من فوق معاناتنا دونما أن تتزحزح!
وزاد شعوري بالذنب أكثر، عندما علمت من الرئيس أن التقصير في المتابعة ومراقبة المشاريع والخدمات لا يوصف سوى بـالإهمال، ويندرج ضمن مفهوم ما يسمى بالـالفساد غير المقصود، وهو مفهوم جديد، ابتدعوه مؤخرا، يتضمن كل ألوان الفساد، بمختلف المشاريع، والمساحات الجغرافية، والتنوع في الفائدة، بشرط تصفية النية، وهو الأمر الذي يحفزني لأن أقترح على هيئة مكافحة الفساد إطلاق حملة تسميها: صفوا.. النية!
ولأنني صاحب المبادرة، سأبادر أولا، وسأصفي النية، وسأتلافى الحديث عن أي مشروع متعثر، حتى لا أدخل دهاليز الذمم، فربما كان المسؤول وقتها مصفي النية، وأن ما حدث غير مقصود، حتى يثبت قصده بقوة نظام الفساد المقصود، وهو مفهوم مضاد لنظيره، غائم ممطر داخليا، صحو جاف خارجيا..
وأخيرا.. يقلقني أمر مهم، وهي القضية التي نشرت في الصحف، والتي تفيد بأن الهيئة كلفت أحد ممثليها للوقوف على مبنى مدرسة، بعد أن لوحظ فيه تقشر الدهانات؛ لأني أخاف أن يكون هذا ضمن الفساد غير المقصود وهم لا يعلمون!. والسلام.