في العرفين، الكتابي والإعلامي، جرت النواميس أنه لا يجوز المساءلة أو الكتابة عن قضية منظورة أمام طاولة القضاء، منعا للانحياز أو التجييش المجتمعي الذي قد يؤثر على مسار القضية. وحين تصدر الأحكام القضائية يرفع هذا الحظر وينتهي هذا العرف.
شعرت بالألم الشديد مساء ما قبل البارحة وأنا أقرأ حيثيات الحكم الصادر بحق سبعة من المتحرشين ببناتنا ونسائنا في مجمع الظهران التجاري، لأنني وبكل الشجاعة والصراحة: أشعر أن طبيعة هذه الأحكام القضائية وطريقة تنفيذها ومواعيدها، فضلا عن أنها لا تتناسب مع طبيعة الجريمة، تفتح طريقا واسعا فسيحا لمن سيتجرأ مستقبلا لفعل مثل هذه الجريمة. ولا تقولوا، فضلا، إن علي سعد الموسى يعترض على حكم قضائي، لأن الاعتراض على الأحكام القضائية بعد صدورها حق مكفول بالنظام والقانون للشاكي وللمشكو. وما حدث في مجمع الظهران قضية مجتمع، وحق مجتمعي واسع ثابت، لنا أن نتداوله ونعترض عليه، خصوصا أننا نعلم أنه كان قصة وطنية شاملة. كان ذلك المقطع لثلاثة أيام هو الأكثر تداولا ومشاهدة.
أتمنى كمواطن غيور على محارم وبنات هذا الوطن الكريم، أن يجاوبنا الاستئناف على مثل هذا الحكم القضائي: ما هي العلاقة؟ وما هو السبب الذي يمنع تنفيذ حكم الجلد الصادر بحق هؤلاء حتى نهاية العام الدراسي؟ ما هي العلاقة التي تمنع تنفيذ حكم (الجلد)؟ وما هو دخل المدرسة أو الجامعة أو العام الدراسي الطويل في تنفيذ حكم قضائي لن يستغرق أكثر من عشر دقائق؟ أتمنى أن أجد جوابا من حضرة القاضي المحترم الفاضل على تأجيله لفترة السجن حتى نهاية ذات العام الدراسي بحجة أن المتورطين من الطلاب: كيف إذن يحكم عليهم بالسجن لستة أشهر في كل حالة، علما أن الإجازة الصيفية لا تدوم لأكثر من شهرين؟ هذه ألغاز لم أجد لها أي أجوبة. وحين قرأت الحكم القضائي خلصت إلى النتيجة الوحيدة في رسالة مباشرة:
إذا كنتم طلابا فاعملوا ما شئتم، لأن الأحكام القضائية مرتبطة بانتهاء العام الدراسي: ما هي علاقة الجلد لدقائق بمقعد الدراسة؟... عجزت أن أفهم.