فواز عزيز

صنع من اسمه عائلته ماركة في علم الفلك، بعلمه ودقة حساباته الفلكية، التي اشتهرت حتى لم يعد أحدٌ في الخليج يجهل اسم العجيري، ولا تقويم العجيري ولا رزنامة العجيري.
الفلكي صالح العجيري، المولود بمنزل والده في فريج عثمان الراشد بالعاصمة الكويت في 23 يونيو 1920، يفتخر أنه كان مدرساً لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، في المدرسة الشرقية، ويستذكر في سيرته أنه كان زميل دراسة لأمير الكويت الراحل الأمير جابر الأحمد الصباح.
ذكاء وتفوق الطالب صالح العجيري، لفت نظر المسؤولين في الكويت فكان أول ترشيح للابتعاث والدراسة في الخارج من نصيبه شرط أن ينتقل إلى مدرسة حكومية ليبتعث لدراسة علم البحار في أوروبا، إلا أن مشروع الابتعاث تأجل ولم يسافر بل أكمل دراسته في الكويت، حتى أصبح معلماً في مدرسة الشرقية ولم يستمر طويلاً، فرغب بعلم الفلك ورحل إلى مصر ودرس فيها، وواصل بعدها طلب العلم متنقلاً بين عدد من الدول العربية والأجنبية حتى أدرك من الفلك ما لم يدركه غيره.
العجيري لم تكفه الأرض بكل تأملاتها فانطلق إلى الفضاء.. قبل أية معالمٍ لغزو الفضاء بقنوات وأقمار أصبحت تمطر علينا.. وتابع النجوم وحركتها قبل أن يُعرف التلسكوب في الخليج.. فكانت عيونه تلسكوباً ترصد تحركات النجوم والكواكب وتحسب الأيام وتقلبات الفصول.
ومما يرويه طلاب المعلم العجيري، أنه كان بعد انتهاء الدروس يأخذ طلابه إلى سطح المدرسة ليشرح لهم بعض علوم الفلك برفقة بعض أولياء الأمور والمدرسين.
في حياة الفلكي صالح العجيري ذي الـ93 عاماً قصص عديدة ونجاحات كثيرة كتب عنها قبل 33 عاماً كتاب ما لم يذكر عن حياة العجيري، وفي 1988 كتاب بعنوان: الجانب التربوي من حياة الدكتور صالح العجيري.
تعلم في الكتاتيب وتفوق في اللغة العربية والحساب، فأدخله والده مدرسة تهتم بالحساب والتجارة رغبة منهم في أن يكون ابنه تاجراً لا موظفاً حكومياً، فكان ابنه عالما فلكيا يشار إليه بالبنان، ولا يزال يحسب ويرصد حركة النجوم ويصدر التقاويم لكل عام.. منذ بدأ في عام 1944 بطباعة أول تقويم أو رزنامة في ورقة واحدة، ثم تلاها في العام الثاني بإصدار تقويم أوسع وواصل إصدار التقاويم بشكل سنوي وبأشكال متنوعة.
حلم العجيري بإنشاء مرصد فلكي فكان له ذلك، ففي عام 1986 افتتح المرصد الذي حمل اسمه مرصد صالح العجيري بأمرٍ من أمير الكويت آنذاك الشيخ جابر الأحمد.
بجانب متابعة النجوم والحسابات الفلكية اليومية، لم يتوقف العجيري عن الإنتاج والتأليف، فكان له العديد من المؤلفات منها: علم الميقات، دروس فلكية للمبتدئين، وخارطة ألمع نجوم السماء، والاهتداء بالنجوم في الكويت، ودورة الهلال.
اقترابه من نادي الـ100 لم يمنعه من الحضور الإعلامي ومواصلة المسيرة كما لو أنه في شبابه، الفارق الوحيد أن ملامح الكون ترتسم على وجهه، وكأنك تقرأ في تجاعيده قصص الكفاح ورحلات طلب العلم ومتابعة مسيرة الكون بكل مكوناته.