أسوأ من إشكالية انكشاف جوانب ترهل في البنية التحتية أثناء موسم السيول، سمة تبعاتها ليست أقل قبحا من الفساد، تتفشى في العالم الافتراضي ويساندها خلل مهني جسيم من المواقع الإعلامية الإلكترونية وشرائح من الوسط الإعلامي، الذي أصبح بعض رموزه -إلا من رحم الله- عبادا لجماهيريتهم، يخشون قول كلمة حق خوفا من خسارة شرائح تتابعهم، وبموقفهم يشاركون في حفلات ردح تستهدف بلادنا ذما وقدحا وتهويلا.. في غالبية الموضوعات التي تمس الوطن.
عباد جماهيريتهم، القاسم المشترك بينهم وبين مديري حفلات الردح اليومي هو التطير والتشاؤم وبث القتامة.. هل توجد دولة على مستوى العالم ازدهرت تنمويا بفرط القتامة، لولا تكاتف الإرادة الوطنية لتنتج نماذج يتم اجترارها، ومحاولة تحطيم المواطن السعودي وإنجازات وطنه، بسرد بعضها إلى درجة الاستهلاك الفج، رغم تقدمنا وتأخر غيرنا في مجالات من واجب الكاتب الصحفي تبيانها للمجتمع، وحتى يتحدث في السلبيات باعتدال مع وعي بأنها لولا الإيجابيات ما برزت.. هناك شروط وآداب للكتابة الصحفية والتغريد، أهمها التوازن والمصداقية وأننا رسل للوطن ونطرح سلوكنا كمجتمع مسلم، فهل نشهد مكافحة لتيار يتخصص في تضليل الناس ببث القتامة والتكالب على الوطن لإظهاره بصورة غير صورته الحقيقية.
هل فعلا غرقت الرياض والشرقية.. إلخ المدن التي طالتها الأمطار، حتى وصلنا إلى مرحلة التباري في الأكاذيب، في وسم الرياض تغرق.. ثم السعودية تغرق ثم الكويت، وتوالت دول ومدن خليجية حتى وصلنا إلى وسم الخليج يغرق، ولأنها مفتعلة كانت تنطلق قبل أن يعلن أهالي المنطقة هطول الأمطار، وهناك تجهيز واستعداد مسبق للإسهام في وسوم الأكاذيب عن غرق المدن..!
ما هو التطير وكيف ارتكبنا معصية يجب أن يعود عنها من يدعي أنه يريد الإصلاح، ويكف عن ادعائه مكافحة الفساد بارتكاب المعاصي.. وفي الحالة التي نتحدث عنها تم تهييج المجتمع للخروج منها بنتيجة، سادت حالة التطير وإفساد فرحة الناس بالمطر. حارب رسولنا -صلى الله عليه وسلم- ظاهرة التطير بقوله الطيرة شرك، وليس منّا من تطيّر ولا من تطيّر له، ومن ردّته الطيرة عن حاجته فقد أشرك، والتطيّر: هو ما يتشاءم به من الفأل الردي‏ء، وأطيّرنا أي تشاءمنا.. قال تعالى: (فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ)، أي يتشاءمون بموسى ومن معه.
نعم لعقوبات واجتثاث جذور الأزمة حتى لا يعاد إنتاجها، وفي مقابل ذلك الممارسات التي صدرت من فئات في مجتمعنا لا تقل بشاعة وانحدارا عن تلك التي نرفضها ونحاربها، تحت شعارات مكافحة الفساد..!