القضايا الحساسة والمشكلات الاجتماعية التي تخص شريحة الشباب في مجتمعنا، عادة ما تكون مادة دسمة للفنانين والمنتجين، وهنا نؤكد أنه يفترض ألا يتم طرحها في قالب كوميدي حتى لا تكون النتائج عكسية، ويصبح الحال كما يقول المثل أراد أن يكحل العين فأعماها. أكتب هذه السطور بعد مشاهدتي الحلقة الأولى من المسلسل الاجتماعي سكتم بكتم على قناة روتانا خليجية، والتي ناقش الفنان فايز المالكي ورفاقه من خلالها مشكلة اجتماعية مهمة أطلت برأسها على مجتمعنا أخيرا، وكانت من أكثر المشكلات في المجتمع الخليجي حساسية وخطورة، بل وتصدرت وسائل الإعلام خلال الفترة الأخيرة بعد أن برزت بشكل كبير في أوساط الشباب وكانت هاجسا يؤرق المجتمع وهي ظاهرة الدرباوية. ومن حيث المبدأ، جميلٌ أن تناقش الأعمال الفنية قضايا الشباب ومشكلاتهم، ولكن ينبغي أن يكون ذلك بحذر شديد، حتى لا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. إن تناول مشكلات الشباب في الدراما والأعمال الفنية بلا شك سلاح ذو حدين، وخاصة إذا ما تم طرحها في قالب كوميدي يُحرص من خلاله على انتزاع البسمة من المشاهد ويغفل جانب مهم ألا وهو الرسالة الحقيقية للعمل الفني، فيُلفت الانتباه إلي المشكلة ممن هم غافلون عنها، ولنا تجارب سابقة في الأعمال الفنية التي قدمها الفنان فايز المالكي في أعماله الفنية خلال السنوات الماضية، والتي تركت أثرا واضحا في أوساط المعجبين به من الشباب من خلال ترسيخ وتداول بعض المصطلحات، التي لازمت المالكي طيلة العمل الفني وتلقفها الشباب، وأصبحت لغة الشارع المتداولة كعبارة مع نفسك، التي أصبحت متداولة بشكل كبير. في حلقة الدرباوية التي عرضت كأول حلقة من حلقات مسلسل سكتم بكتم كان الطرح جريئا، تناول تفاصيل دقيقة من حياة الدرباوية وعشقهم للتفحيط وتفجير الإطارات وشرب الحمضيات وبعض التصرفات غير الأخلاقية وخلافها، لكن الطرح كان كوميديا خالصا، فظهرت القضية من نجوم العمل بشكل فكاهي جاذب، لفت إليها انتباه المعجبين بشخصيات النجوم والذين يتأثرون بكل ما يصدر منهم من تصرفات. أكاد أجزم أن هناك الكثيرين من الشباب والمراهقين راقت لهم تصرفات الدرباوية التي قدمت في قالب كوميدي ضاحك، ولم يعوا رسالة العمل الفني التي طغت عليها الكوميديا، وهذا مؤشر على أن فريق العمل لم يوفق في طرح القضية بشكل جاد يظهر مدى خطورتها على المجتمع وينبذ بعض السلوكيات التي يقوم بها الدرباوية، ويظهر النهاية المأسوية لمثل تلك الظواهر الدخيلة على المجتمع ويحمل في ذات الوقت رسالة توعوية للشباب والمجتمع بمخاطرها بدلا من تزيينها في أذهان النشء، لذلك ينبغي مراعاة ذلك عند تناول قضايا الشباب الذين يختلط عليهم الأمر إذا نوقشت قضاياهم بكوميديا خالصة فلا يدركون هل عرضت القضية لإبراز خطورتها على المجتمع أم لإسعاد المشاهدين بمواقفها الطريفة.