تتجه أنظار أهل العروس فور الإعلان رسمياً عن دخول الشهر الكريم نحو المنطقة المركزية في البلد، المعروفة محلياً بـالمنطقة التاريخية، التي لا تزال تحتفظ بخزينة لا تنضب من الذكريات، إلا أن رمضان يحتفظ بـ نصيب الأسد.
في رمضان تعيش هذه المنطقة الموروث القديم الذي يختلط مع الجديد، ولكن بنكهة أيام زمان، فلا حديث يدور بين الناس إلا عن حلاوة أيام زمان، وعن المنطقة التي تزدحم ولا تكاد تهدأ إلا قبيل أذان الفجر بلحظات قليلة، فكل زاوية من زواياها تملك رصيداً من الذكريات عن رمضان زمان.
عند الحديث عن أجواء رمضان في هذه المنطقة التي تكونت من أربع حارات رئيسية شكلت مفاصلها الجغرافية القديمة هي اليمن والشام والمظلوم والبحر، عليك أن تشاهد منذ اليوم الأول مسلسل عصرية التاريخية، الذي يعني عند أهل جدة الشيء الكبير، خاصة الأعيان الذين قطنوا هذه المنطقة قبل أن يتركوها لظروف الحياة.
من بعد صلاة عصر كل يوم، تشاهد أعيان جدة يأتون إلى المنطقة مع أبنائهم وأحفادهم.. يتنقلون يومياً بين الأزقة القديمة، والمعالم الأثرية التي ما زالت تصارع نفسها في البقاء على قيد الحياة، لتعريف الجيل الجديد بحيوية أيام زمان، وعمق هذه المنطقة في تاريخ مدينة الثلاثة آلاف سنة.
يقول أحد مؤسسي مبادرة مقعد أيامنا الحلوة في حارة اليمن بجوار برحة نصيف الشهيرة، الدكتور محمود صعيدي، لـ الوطن : ميزة هذه المنطقة أن تتحول في عصرية رمضان إلى ما يشبه سيمفونية بين الماضي والحاضر، فكبار أعيان العروس يأتون إلى هنا يومياً ويسيرون على الأقدام من زاوية إلى زاوية، بل بعضهم لديه برنامج زمني محدد يتناول فيه وجبة الإفطار الرمضاني بعد ما يكون قد قضى عصريته بين معالم المنطقة.