لك الله يا سلمان.. لك تلك الغيمة البيضاء ترقبها بوجع الفاقة ويباس الأرض.. لتروي عطش وجوع شويهاتك.

لك الله يا سلمان.. لك تلك الغيمة البيضاء ترقبها بوجع الفاقة ويباس الأرض.. لتروي عطش وجوع شويهاتك.
وجدته هناك.. في الركن القصي من هذا الوطن.. يسير على أحد طرقات تبوك.. مطرقاً كأنما يرقب صمود نعليه المهترئتين.. ومنهكاً من حمل 6 أطفال وزوجة مريضة وبضع شويهات هزيلات.
أتى سلمان من صحراء الجوع، حيث خيمته وعائلته وشويهاته، لأضواء المدينة المتخمة بالجمعيات الخيرية، والمؤسسات الحكومية، والبنوك.. قبل أن يخرج من صخبها بخفي حنين.
يقول سلمان: جئت إلى مكتب الضمان الاجتماعي للتسجيل فيه بما أنني محتاج، وقال لي أحد الموظفين يجب أن يتجاوز عمرك 60 عاماً.. اذهب وعد لنا بعد أن تبلغ هذا العمر.
سأتجاوز بقية مواجع سلمان الذي رفض أن يقبل مساعدتي البسيطة له.. مساحة المقال الصغيرة هنا قاصرة عن البوح بها.. سأتحدث عن الجانب الآخر.
لا جدال على أن الضمان الاجتماعي الذي أطلق زخمه الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز يقدم خدمات إنسانية عظيمة للمواطنين المحتاجين، بل لولا فضل الله ثم هذا الضمان لبقي الكثير من المواطنين بلا رغيف.
أعلم يقيناً أن سلمان يستحق المساعدة، وأن هناك الكثير من البرامج والمساعدات التي يقدمها الضمان بدون شرط العمر.. ولكن لماذا صمت الموظف عن توضيحها له؟ لماذا لم يبادر بـإنسانيته المفترضة بتسجيله في تلك البرامج؟.. وقبل ذلك؛ هل تم اختيار وتأهيل موظفي مكاتب الضمان الاجتماعي ليكونوا على قدر من الإنسانية التي تدفعهم للمبادرة؟
أخيراً؛ مكاتب الضمان الاجتماعي، والجمعيات الخيرية؛ ما زالت تنتهج الأسلوب ذاته الذي لا يعالج الحاجة ولا يحول المحتاج إلى منتج.. ثقافة توزيع الأموال في العمل الخيري لن تقضي على المشكلة.. وستتزايد أعداد المحتاجين كل عام.. الحاجة ملحة لتجاوز هذا العمل النمطي السلبي إلى أساليب أكثر إيجابية.