أُوذي الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي وهو على رأس العمل، تم تشويه سمعته والقدح بدينه والتقليل من علمه الشرعي، بسبب كشفه بأدلة من الكتاب والسنة، أن جزءا كبيرا من عمل الهيئة في إيذاء ومطاردة الناس لا يدخل في خانة الأمر بالمعروف

في مقابلة مع الوطن نشر موجز منها يوم الاثنين الفائت مع معالي الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أكد فيها معاليه رصد 25 (مشاغباً) داخل جهازه لا يروق لهم العمل بانضباط، غالبيتهم في الرياض، ولا يريدون أن تمضي قافلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق منهج نبوي، بل وفق أجندة الذين يضللون الناس للوصول إلى أهداف دنيوية أو يبنون جسوراً للإخلال بالأمن واستقرار هذا الوطن الغالي.
وأقر معالي الشيخ عبداللطيف، حسب ما أوردت الوطن، خلال زيارته لمقرها يوم السبت الماضي، بوجود مؤثرات خارجية يحاول البعض ممارستها من منطلقات دينية بزعم النصح والغيرة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحاولة أن يكون هذا الجهاز مطية لهم أينما أرادوا لتحقيق وجود لذواتهم أو تحقيق أغراض بعيدة المدى تهدف إلى تهديد وحدة هذا الوطن واستقراره.
وقد استفسرت الوطن من معاليه، حول ما إذا كان هذا يعني تغلغل الإخوان وبعض الحركات الأخرى داخل الهيئة؟ فأجاب معاليه: أنا لا أكيف الناس فكرياً، ولكن أقول إن هناك أشخاصاً لهم أهداف في تطويع هذا الجهاز لمصالحهم وفي أيديهم للضغط على المجتمع والفرد من خلال طروحاتهم والتغرير ببعض البسطاء من رجال الهيئة بداعي الغيرة، وهم في الحقيقة أعداء لهذه الشعيرة، إذا صح التعبير. إذاً فمعالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أعلنها مدوية، بأن الجهاز لن يكون مطية لمن يخدم ذاته على حساب وحدتنا. وأنا أثني على كلام معاليه، وأطلب منه ألا يكون ما قاله تهديداً، وإنما وعد لا يمكن التراجع عنه أو النكث به.
كما أطالب بأن يكون هنالك غطاء رسمي حاضر ومستمر يدعم التحرك والتوجه الإصلاحي لمعالي الرئيس فضيلة الشيخ، وبأن لا يترك بمفرده يقارع التشدد ومؤامرات الجماعات المتجذرة والمتمترسة من عقود داخل الجهاز. ومن أجل تأكيد هذا التوجه الإصلاحي، أرجو من فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف، إرسال اعتذار رسمي لفضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي، المدير العام السابق لفرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة؛ وذلك جراء ما لاقاه من ظلم وصلف وعنت من متطرفي الجماعات من بعض منسوبي وقيادات الهيئة، عندما بدأ يحذر من خطورة سيطرة المتطرفين على جهاز هيئة الأمر بالمعروف والذين كانوا يتوجهون بالجهاز، جهة غير معروفة، بغية أمر غير معروف.
لقد تم إيذاء فضيلة الشيخ الدكتور أحمد وهو على رأس العمل، حيث تم تشويه سمعته والقدح بدينه والطعن بذمته والتقليل من علمه الشرعي والاستهزاء بشخصه الكريم؛ كل ذلك بسبب كشفه بأدلة من الكتاب والسنة، بأن جزءا كبيرا من عمل الهيئة في إيذاء ومطاردة الناس، لا يدخل في خانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ بل هو أقرب للمنكر منه للمعروف، وذلك لمخالفته للأدلة القطعية، التي وردت في الكتاب والسنة. صحيح أن فضيلة الشيخ أحمد، لم يصرح بأن هنالك فئات من جماعات متشددة لها أجندتها الخاصة ومصالحها الذاتية؛ ولكنه كشف بما لا يدع مجالا للشك، بأن المناخ العام داخل جهاز الهيئة يوحي بوجود جماعات متشددة تتحكم به وتسيره حسب أهوائها وأطماعها، لا أهداف الدولة النبيلة التي أسست الجهاز من أجلها ودافعت عنها.
لقد وصل الأمر بالجماعات المتشددة بإرسال نفر من دهمائها الغوغائي، إلى بيت فضيلة الشيخ الدكتور أحمد، ليطال أذاها، حتى أهل بيته الكريم. كما تمت مضايقة أبنائه الموظفين في جهاز الهيئة، بعد ما تمت مضايقته وإخراجه من الجهاز. فضيلة الشيخ الدكتور أحمد، قد لا يكون بحاجة للاعتذار، فقد أثبت بشجاعته وصموده أمام أشرس حملة شنت على مسؤول من مقامه في الدولة، ليس فقط من داخل جهازه، ولكن أيضاً من خارجه، بأنه فعلاً مصلح لا يثنيه شيء عن إخلاصه لوظيفته وحبه للإصلاح وولائه المتميز لوطنه.
إن فضيلة الشيخ الدكتور أحمد يستحق منا كلنا الاعتذار له ورد الاعتبار لشخصه الكريم، حيث حاول وصمد وحيداً للدفاع عن وسطيتنا وعن وحدتنا الوطنية واستقرارنا؛ حيث ذكر معالي الدكتور عبداللطيف، بأن هذه الجماعات المتشددة والمتمترسة داخل الجهاز منذ عقود، كانت تسعى لتحقيق أغراض بعيدة المدى تهدف إلى تهديد وحدة هذا الوطن واستقراره. أي بأن فضيلة الشيخ أحمد، هو أول من نبهنا للأخطار المحدقة والتي كانت تهدد وحدتنا الوطنية واستقرارنا.
لم يكن يعي معظمنا حينها ما كان يصبو إليه الشيخ أحمد؛ حيث لا يحتمل وقتها التصريح بأكثر مما صرح به. لقد كان مهاجمو الشيخ أحمد، يرون أنه محاسب ولا دخل له في العلم الشرعي. ولكنه أثبت لهم ولنا الآن بأن كشفه لمواطن الخلال في جهاز هيئة الأمر بالمعروف، والتي كادت تؤدي بنا والجهاز لكارثة، لا يعلمها إلا الله؛ كانت نتيجة تمكنه من المحاسبة والعلم الشرعي، حيث حسبها حسبة شرعية دقيقة فاتت على غيره، ممن لم يجمعوا بين هذين العلمين الهامين.
قد يقول قائل، بأنني استفضت في الثناء على فضيلة الشيخ أحمد؛ وأنا أعتبر نفسي قد قصرت في حقه؛ خاصة عندما رأيت وسمعت ما يتعرض له الآن فضيلة الشيخ عبداللطيف من حملة شرسة غير مسبوقة على شخصه ودينه وأمانته، وهو يعمل بجد وإخلاص من أجل إنقاذ جهاز الهيئة من براثن التشدد والتطرف. برغم كون منصب الشيخ عبداللطيف منصب صاحب معالي ورئيس عام لجهاز الهيئة وهو قريب من صاحب القرار السياسي والديني؛ فتشعر كأنه يتجرع الشوك، وهو يتحدث عن المشاكل التي يتعرض لها الجهاز. فعلى هذا الأساس أعتقد بأنني مقصر في حق الثناء والشكر لفضيلة الشيخ الدكتور أحمد؛ حيث جابه أكثر مما جابهه معالي الرئيس العام؛ حيث منصبه حينها لا يعدو كونه مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة وبالنيابة.
كان فضيلة الشيخ الدكتور أحمد قاسم الغامدي، حينها، أشبه ما يكون بحكم مباراة كره قدم، شاهد بأم عينه مخالفة شنيعة من أحد اللاعبين، لا يمكن السكوت عنها، فنفخ بصافرته ليوقف اللعب، وأخرج من جيبه كرتا أحمر ورفعه، وتحرك مسرعاً ناحية اللاعب المخالف ليسجل الكرت الأحمر باسمه ويخرجه من الملعب، فقام اللاعب بنزع الكرت منه ورفعه في وجهه وأخرجه هو نفسه من الملعب؛ وأصبح اللاعب المخالف لا يلعب فقط وإنما تولى مهمة التحكيم كذلك، ولم يحتج أحد.
في الختام، يجب أن نقف كمسؤولين وعلماء دين وكتاب ومثقفين صفاً واحداً، خلف معالي الشيخ الدكتور عبداللطيف، وهو يجري أكبر عملية إصلاح جراحية في جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، منذ تأسيسه؛ حتى لا يؤكل كما أُكل فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي؛ ويؤكل الجهاز نفسه ونؤكل نحن وتؤكل وحدتنا الوطنية وأمن وطننا واستقراره.