الدمام: علي دعرم

مسؤولون رياضيون: شركاتنا لم تنفعنا وبيع النجوم طبيعي

تسرب لاعبي أندية المنطقة الشرقية إلى أندية أخرى، يعتبر أزمة كبرى لكل مجالس إدارات أندية المنطقة، إذ في عصر الاحتراف لم يعد بإمكان النادي السيطرة على اللاعب الذي أصبح القرار بيده وليس بيد النادي، في حين أصبحت الأندية المقتدرة ماليا أو أندية الكبار هي من يتحكم باللاعبين بعدما فاقت إغراءاتها المالية الخيال.
وفيما تعتبر أندية الشرقية أضعف الحلقات، فهي لا تستطيع أن تدفع حتى 10 % من قيمة عقود اللاعبين، وما يتردد في الوسط الرياضي من أن قيمة عقد لاعب قد تشكل ميزانية ناد من أندية المنطقة الشرقية لعدة سنوات.
وفي السنوات الـ 10 الأخيرة أصبحت مهمة أندية المنطقة (الاتفاق ـ القادسية ـ الفتح ـ الخليج.. إلخ) هي صناعة المواهب وتطويرها في حين تأتي الأندية المقتدرة مالياً لتخطف هذه الموهبة أمام عيون إدارات هذه الأندية، وهو ما أفقدها قوتها. فبعضها يصارع من أجل البقاء في دوري الأضواء وبعضها هبط وبعضها الآخر لم يستطع العودة بل استمر في دوري الدرجة الأولى بسبب ظروفه المالية الصعبة.

تفاوت الأسعار

ولا شك أن التفاوت الكبير بين ما تقدمه إدارة أندية المنطقة الشرقية وبين ما يعرض على اللاعب، يجعل الأخير يفكر في الهجرة. وعلى سبيل المثال، لاعب الاتفاق يحيى الشهري الذي وقع معه ناديه عقدا لمدة 5 سنوات مقابل 250 ألف ريال بواقع 50 ألفا سنويا في بداية دخوله عالم الاحتراف، ثم جاء ناديه ليجدد معه مقابل 4 ملايين بالسنة أي 20 مليونا في 5 سنوات، ليصطدم بعرض النصر الذي منحه 35 مليونا للفترة نفسها، وهو ما يعني أن الفارق بين العرضين يصل إلى 15 مليونا.
ذات الحال مع المهاجم الاتفاقي يوسف السالم الذي قدم له نادي الاتفاق عرضا بـ 4 ملايين لأربعة مواسم، فجاءه عرض من الهلال بـ 16 مليونا للمدة نفسها، مما يعني أن الفارق 12 مليوناً بين العرضين. هذه الأرقام الفلكية جعلت اللاعبين يفضلون الرحيل من المنطقة الشرقية إلى أندية العاصمة الرياض وأندية المنطقة الغربية بحثا عن مستقبلهم بعيدا عن مبدأ الولاء للأندية الذي أضاع كثيرا من لاعبي الجيل السابق.

الدعم لا يذكر

كثير من الرياضيين يلقي باللوم على الشركات العالمية التي تحيط بأندية الشرقية من كل مكان، ولكنها لا تقدم سوى دعم طفيف جداً لا يذكر لها. ويروي رئيس القادسية السابق جاسم الياقوت أنهم طلبوا من أمير المنطقة الشرقية السابق الأمير محمد بن فهد التدخل من أجل إقناع هذه الشركات التي تعتبر الأغنى على مستوى العالم، بدعم الأندية في المنطقة الشرقية، وشكل الأمير لجنة من كبار الرياضيين في الشرقية برئاسة الشيخ فيصل الشهيل للاجتماع مع مسؤولي هذه الشركات وعقدنا عدة اجتماعات معها ولكن للأسف لم نخرج منها إلا بالتسويف والمماطلة حتى ماتت الفكرة واصبح كل من يعمل في هذه اللجنة محبطا بسبب عدم الجدية في خدمة هذه الشركات للرياضة في المنطقة.

طرق ملتوية

ومع كثرة المواهب في الشرقية، بدأت الأندية الغنية باستدراج لاعبيها الصغار الذين لا تتجاوز أعمارهم 18 عاما بطريقة جديدة توفر عليها كثيرا من الأموال، إذ بدأت تهيئ لهم عقودا خارجية للاحتراف في أوروبا على أن يعود اللاعب بعد عامين حسب أنظمة الاحتراف السعودي، للنادي الذي يرغبه أو الذي رتب له من السابق، فيعود إليه بعد أن تعلم أساسيات الاحتراف على أصولها الصحيحة وخاض تجربة احترافيه مفيدة، وهو في سن الـ 20 أو الـ 21 وهو سن قوة الشباب ليخدم النادي الجديد ما بين 5 إلى 10 سنوات بنصف المبلغ الذي قد يدفع له ناديه لو استمر معه خلال هاتين السنتين. وذلك ما حدث في صفقة لاعب القادسية السابق خالد الغامدي حيث غادر إلى نادي إف سيل ويل السويسري بدون علم ناديه، ثم عاد لتمثيل نادي النصر، وكذلك كما حدث للاعب الاتفاق عبدالله الحافظ الذي انتقل إلى باكوس فيريرا البرتغالي قبل أن يعود للهلال.

إغراءات الهجرة

من جانبه، أكد المدرب الوطني خليل الزياني أن ما تقدمه أندية الرعاة (الهلال، النصر، الاتحاد، الأهلي، الشباب) من إغراءات مالية للاعبين جعلهم يفكرون في الانتقال إلى خارج المنطقة الشرقية. وأضاف: وهذا أمر خطير، إذ تصنع أندية الشرقية المواهب وتصقلها ثم تأتي أندية كبيرة وتستفيد منها، وهو ما جعل الرياضة في المنطقة تعاني الأمرين بسبب انتزاع نجومها بقوة نظام الاحتراف. وعن الحل لهذه المشكلة، يقول الزياني: لن ينقذ هذه الأندية سوى الخصخصة التي تجعل لكل ناد قوة مالية يستطيع من خلالها المحافظة على لاعبيه أو استقطاب نجوم جدد من أندية أخرى.

سبب التفريط

من جانبه، يؤكد رئيس نادي القادسية السابق جاسم الياقوت أن قدرات أندية المنطقة الشرقية المالية ضعيفة وهي السبب في ذلك، إضافة إلى إغراءات الأندية الكبيرة التي تقدم للاعب أضعاف أضعاف ما يعرض عليه أي ناد في الشرقية وذلك بسبب وجود الرعاة لهذه الأندية. ويضيف: يجب أن يعرف الجميع أن هناك فرقا بين ناد ميزانيته السنوية لا تتجاوز 17 مليونا وآخر ينفق أكثر من 150 مليوناً سنوياً، وهذا ما جعل الأندية الغنية تسيطر على الأندية الصغيرة بالمال فقط وتغري اللاعبين، وساعدها على ذلك نظام الاحتراف الذي يجبر النادي على تقديم عرض مناسب للاعب وإلا فإن له الحق في الانتقال إلى أي ناد في حال دخل الـ 6 أشهر الأخيرة من عقده الاحترافي.

دعم معدوم

أما وكيل التعاقدات والناقد الرياضي أحمد القحطاني، فيشير إلى أن ما تعانيه أندية المنطقة من ضوائق مالية سببه بيع اللاعبين، وذلك لتستطيع إداراتها تسيير أمور النادي لأن ذلك هو المخرج الوحيد لها. ويضيف: للأسف أندية الشرقية تحيط بها شركات عالمية كبرى من كل مكان ولكنها لم تستفد منها بل إن بعضها لا يقدم أي دعم لهذه الأندية رغم أن المستفيد من هذه الأندية هم أبناء المنطقة الشرقية. ويسأل: أين برنامج المسؤولية الاجتماعية الذي تقدمه هذه الشركات والذي يأتي دعم الأندية على رأس أولويات هذا البرنامج؟.
ويقول القحطاني: لو قامت هذه الشركات بدورها الاجتماعي لما فرطت هذه الأندية في لاعبيها. ويوضح القحطاني أن إغراءات الأندية الكبيرة والإعلام والجمهور والمادة هي سبب رئيسي في بحث لاعبي أندية المنطقة الشرقية على العروض الأفضل في حين دخل بعض الشركات المجاورة في ساعة واحدة قد يعادل ميزانية ناد لعام كامل، داعيا تلك الشركات إلى احترام حق الجيرة على الأقل، وتدعم تلك الأندية ولو بمبالغ بسيطة أو تتبنى معسكرات أو مكافآت أو جزءا من مقدمات عقود هولاء اللاعبين لأنها تصب في الأخير في مصلحة أبناء المنطقة.

شرفي غير مجد

من جانبه، يؤكد كابتن القادسية السابق الدولي أحمد البيشي أن السبب الرئيسي في هجرة اللاعبين من أندية المنطقة الشرقية يعود إلى الأزمات المالية التي تعانيها الأندية الرياضية في المنطقة. ويقول: للأسف قيمة عقد يحيى الشهري الذي انتقل للنصر أخيراً تعادل ميزانية 3 أندية في الشرقية لمدة عام كامل. خلال الـ 10 سنوات الماضية شاهدنا انتقالات كثيرة للاعبي أندية المنطقة الشرقية وذلك بسبب ثورة الاحتراف قابلها ضعف مالي كبير في أندية الشرقية بسبب عدم وجود رعاة وضعف الدعم الشرفي والأهم من ذلك النضج الاحترافي لدى اللاعبين في الشرقية حيث انتهى عصر الولاء للنادي وبحث اللاعب عن تأمين مستقبله بسلكه الطريق الصحيح في عالم الاحتراف من خلال مبدأ من يدفع أكثر أذهب إليه.