رشُّ الماء في وجه الضيف، صار من الآن علامة وماركة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، والحمد لله أنها جاءت على الماء فقط، ولم تتعدها إلى أشياء أخرى.
قبل أيام، عرضت قناة المحور المصرية، في برنامجها الشهير 90 دقيقة، حوارا من جانبين، بين محامي الجماعات الإسلامية منتصر الزيات، ومفكر آخر مناهض لحكومة الإخوان.
التحاور بينهما كان جيدا في بداية الحلقة، وكان تأدب المؤمن ووقاره كاسيا ملامح وكلام وتصرفات الإخواني منتصر الزيات، لكنه بعد مضي نصف الحلقة، غضب من طريقة إدارة الحوار، ورمى بـالمايك وخرج من الأستديو.
بعد 10 دقايق، عاد الزيات للأستوديو من جديد، لكن بوجه غير وجه الوقار والتأدب والطمأنينة، وما إن دار الحوار، حتى فاجأ المذيعة والمشاهدين، بأن رشّ وجه الضيف المقابل بكوب ماء بارد ولذيذ.
الذي أريد أن أقوله من كل هذا الذي حدث، إن منتصر الزيات، قدّم نموذجا سيئا لعقلية الإخوان المسلمين في التحاور مع الآخرين، وهو الذي كان يشكو في بداية الحلقة من إقصاء الإعلام له ولجميع المتأخونين، فما إن أتيحت له الفرصة، حتى جاء ليرش الضيوف بالماء في وجوههم.
مشكلة الحوار الإعلامي في مصر عموما، هي نفس المشكلة التي حدثت في هذه الحلقة، وهي أن كلا الطرفين المتناحرين في مصر، لا يجيدان الحوار، وإن كان الطرف الذي يمثل الشعب والثورة أقل حدة في الحوار، من الطرف الذي يمثله الإخوان المسلمون.
مشكلة المشاكل، وطامّة الطوام، أن من يمثل جماعة الإخوان في الحوارات والبرامج، ويتصرفون بهمجية في الغالب، هم لا يسيئون إلى جماعة الإخوان كتنظيم سياسي، بل يسيئون إلى صورة الإسلام الذي يدّعون أنهم مثاله وتمثاله ونموذجه الوحيد، بينما حقيقة الإسلام أنه دين حوار، ودين تأدُّب مع الآخرين، ودين اختلاف، عكس ما فعله الزيات بالضبط مع محاوره في الجهة الأخرى.