لندن تدعو للمصالحة وباريس مستعدة للتعاون والمعارضة السورية تطالب بتدارك أخطاء نجاد
أكد الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني في أول تصريح له بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية أن هذا الانتصار هو انتصار الذكاء والاعتدال والتقدم على التطرف.وكان روحاني فاز في الانتخابات الرئاسية الإيرانية منهيا ثمانية أعوام من حكم المحافظين في إيران، وفق ما أعلن وزير الداخلية مصطفى محمد نجار أمس. وأضاف نجار في النتائج النهائية التي أعلنها أن روحاني الذي حظي بدعم المعسكرين المعتدل والإصلاحي حصل على 18,6 مليون صوت، من أصل 36 مليونا و704 آلاف و156 ناخبا شاركوا في الانتخابات، أي بنسبة 50,68% في الدورة الأولى للانتخابات متقدما على خمسة مرشحين محافظين.
وبذلك، تقدم روحاني بفارق كبير على رئيس بلدية طهران المحافظ محمد باقر قاليباف (6,07 ملايين صوت)، وكبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي (3,17 ملايين)، ثم أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، ثم مستشار مرشد الجمهورية للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، وأخيراً وزير النفط الأسبق محمد غرضي. وأوضح نجار أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 2ر72% من مجموع الناخبين الذين تتوفر لديهم شروط الانتخاب البالغ عددهم قرابة 50 مليونا و400 ألف شخص، وأن روحاني بذلك حصل على النسبة اللازمة لتفادي جولة ثانية كانت مقررة في 21 يونيو الجاري.
ولم يذكر مسؤولو الانتخابات المناطق التي جرى فرز أصواتها حتى الآن. وقدرت السلطات أن نسبة إقبال الناخبين ستتجاوز 70% وهي نسبة عالية نسبيا ويرجح أن تصب في صالح روحاني.
واعتمد روحاني (64 عاما) المفتاح كشعار يفترض أن يفتح باب الحلول أمام إيران وكذلك اللون البنفسجي. واستفاد من انسحاب المرشح الإصلاحي الوحيد محمد رضا عارف كما تلقى دعم الرئيسين السابقين المعتدل أكبر هاشمي رفسنجاني والإصلاحي محمد خاتمي. وكان روحاني المسؤول عن المفاوضات حول الملف النووي بين 2003 و2005 إبان رئاسة الإصلاحي محمد خاتمي (1997-2005). وهو يدعو إلى مزيد من المرونة في المفاوضات مع القوى العظمى لتخفيف العقوبات المفروضة على إيران والتي تسببت بأزمة اقتصادية حادة.
ويعكس التقدم الكبير لروحاني تأييدا واسعا للتيار الإصلاحي استغل فيه الكثير من الناخبين الفرصة لرفض النخبة الحاكمة المتشددة بسبب المشاكل الاقتصادية والعزلة الدولية وقمع الحريات الشخصية رغم القيود المفروضة على اختيار المرشحين وتنظيم الحملات الانتخابية. وكان روحاني المعتدل يتولى رئاسة الوفد الإيراني في المفاوضات النووية ويعرف بنهجه التصالحي وأشار إلى أنه في حال فوزه سينتهج سياسة خارجية تقوم على التفاعل البناء مع العالم ووضع ميثاق للحقوق المدنية في البلاد.
ومن غير المرجح أن تحدث نتيجة الانتخابات تغييرا جذريا في علاقات إيران مع العالم الخارجي أو في سياستها بخصوص برنامجها النووي المثير للخلاف، أو دعمها للرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية إذ إن جميعها قضايا أمنية يبت فيها المرشد الديني علي خامنئي. غير أن الرئيس له تأثير قوي في اتخاذ القرارات وقد يسلك نهجا مختلفا عن السياسة التصادمية التي تبناها الرئيس محمود أحمدي نجاد الذي منعه الدستور من الترشح لفترة ثالثة.
وفي محاولة على ما يبدو لتوصيل رسالة إلى المعارضين في الداخل والخصوم في الغرب مفادها استمرار السياسة الحالية، قال خامنئي إن نتيجة الانتخابات ستكون تصويتا على الثقة في الجمهورية الإسلامية التي أسست قبل 34 عاما. وأضاف على حسابه الرسمي على تويتر التصويت لأي من المرشحين تصويت للجمهورية الإسلامية وتصويت على الثقة في النظام.
وحول ردود الفعل على فوز روحاني، رحب المرشد الديني علي خامنئي أمس بانتخابه مؤكدا أن على الجميع مساعدة الرئيس الجديد وحكومته. كما طالب الإيرانيين بتفادي السلوك غير الملائم خصوصا من جانب الأشخاص الراغبين في إظهار فرحهم أو استيائهم، في إشارة إلى أنصار الرئيس المنتخب ومعارضيه.
وفي لندن، دعت بريطانيا روحاني إلى وضع إيران على سكة جديدة، خصوصا عبر التركيز على قلق المجتمع الدولي حيال البرنامج النووي الايراني. وقالت الخارجية البريطانية أخذنا علما بفوز روحاني، وندعوه إلى وضع إيران على سكة جديدة من أجل المستقبل، عبر التركيز على قلق المجتمع الدولي حيال البرنامج النووي الإيراني وعبر الدفع باتجاه علاقة بناءة مع المجتمع الدولي وتحسين الوضع السياسي ووضع حقوق الإنسان.
أما في باريس، فعبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن استعداد بلاده للعمل معه وخصوصا حول الملف النووي وانخراط إيران في سورية. وأوضح أن توقعات المجتمع الدولي من إيران قوية خصوصا بشأن برنامجها النووي وانخراطها في سورية. ونحن على استعداد للعمل على ذلك مع الرئيس الجديد. وتابع إن فرنسا تحيي تطلع الشعب الإيراني الذي لا يتزعزع إلى الديموقراطية.
من جانبه، دعا الائتلاف الوطني السوري المعارض أمس، روحاني إلى إصلاح موقف بلاده التي تدعم نظام الرئيس بشار الأسد. وقال في بيان إنه يجد من واجبه أن يدعو الرئيس الإيراني الجديد إلى تدارك الأخطاء التي وقعت فيها القيادة الإيرانية، ويؤكد الأهمية القصوى لإصلاح الموقف الإيراني من النزاع المستمر في سورية.