احتفل مؤيدو أحد مشايخ الإعلام خلال اليومين الماضين بوصول قدوتهم إلى سبعة ملايين متابع في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، في تظاهرة إلكترونية تحمل في ثناياها الكثير من المعاني التي -جلها- تدل على سذاجة فردية وتبعية سطحية لرقم لا يعني في حقيقته إلا مجموعة من المهتمين بمتابعة شخصية متناقضة ورؤية استعراضية استغلت حقيقة كون المجتمع ينجذب للظواهر الصوتية.
يرى هؤلاء أن الرقم الكبير من المتابعين هو دليل على حب المجتمع لتلك الشخصية الفاضلة، وفي الوقت نفسه ينسون أن الأتباع في وسائل التواصل الإلكتروني أغلبهم جموع تتلذذ بالتقرب من الشخصيات المثيرة بكل معاني الإثارة، السلبية والإيجابية، وأن من يجلس خلف لوحة المفاتيح غالبا ما يكون ممن يفضل أن يقف موقف الخصم بدلا من موقف المؤيد في ساحة تسير تلقائيا في اتجاه الاختلاف أكثر من اتجاهها نحو التلاقي والاتفاق.
التاريخ يوثق لنا أن هتلر كان قد استطاع أن يجمع خلفه أمة كاملة متحدة في رؤية مريضة إقصائية عنصرية، في مقابل غاندي الذي جمع صوت الشعب الهندي كله لينهض سلميا في سبيل تحرير البلاد من الاحتلال الإنجليزي، ولنتعلم من هذا التاريخ كذلك أن عدد الجموع ليس دائما دليلا على نبل من تتبع، وأن الزعيم قد يكون ورقيا بفعل صناعة الجموع.
كتبت في السابق أن لديدي غاغا المغنية الأميركية المثيرة للجدل تربعت ولا زالت على عرش تويتر، وهي التي تروج لمفاهيم جلها يرفضها الغرب ذاته، فهل يجعل منها قدوة فنية أو أخلاقية أو ثقافية، في وقت نجد أن الأسماء الكبيرة في مجال السياسة والثقافة ارتضت لنفسها مراكز متأخرة نسبيا بالمقارنه مع المغنية الأميركية، رغم ما يحملونه من علم، وتأثير عالمي، فأين الخطأ؟
نحن للأسف نفهم التأثير والمصداقية بعقلية مشجعي كرة القدم نفسها، فكلما تمكن فريقنا من تسجيل أهداف أكثر -وفي حالة تويتر كلما كان المتابعون أكثر- نتصور أننا قد حققنا نجاحا وانتصارا، فنحتفل بالتهليل والتكبير على انتصار وهمي، ناتج عن رقم متابعين هو خليط من محصلة مكائن تسويق وحسابات وهمية ومتابعين يبحثون عن الإثارة والقيل والقال ومجموعة من المؤيدين المتحمسين.
مبروك للشيخ رقمه الجديد وعقبال الميدالية الذهبية في أولمبياد ريودي جانيرو.