ندرك تماما أننا بحاجة إلى قوانين تُنظم بعض شؤون حياتنا، الزحام المروري مثلا الذي نعيشه كل يوم في شوارعنا أكثر تفاصيلنا حاجة لقوانين مرورية صارمة، وهذا الزحام يتحجج به كثيرون ليتم حرمان المرأة من حق شرعي متمثل في قيادة السيارة التي باتت ضرورة اقتصادية واجتماعية لكل أسرة وللمجتمع، ولطالما تسمع هذا القول: إنه لو أتيحت الفرصة لها، فسوف يؤدي ذلك إلى شدة الزحام المروري وإرباكه وكثرة الحوادث، فيُخيل إليهم أنه نتيجة كوننا مجتمعا يتكون تقريبا من 28 مليونا من المواطنين والمقيمين، بينما الحقيقة أن هذا السبب واهن كوهن بيت العنكبوت، لأن رخص قيادة السيارة تُمنح لكل من هبّ ودبّ، دون قيد مهني أو مادي! هذا سبب مهم وحيوي أتناوله اليوم بصراحة، والسبب المزعج الآخر أن هناك من لا يستخرج رخصة قيادة من الأساس لكونه مخالفا للأنظمة، مثل الأطفال والمراهقين ممن نراهم في الشوارع يقودون السيارات بأمهاتهم وأخواتهم، كونهم لم يصلوا إلى السن القانونية، وأيضا هناك المخالفون لأنظمة الإقامة من الوافدين، هؤلاء وهؤلاء أشد ضررا وأكثر خطرا وإرباكا في شوارعنا وعلى حياتنا.
دون شكّ، إن تصحيح أوضاع المخالفين لأنظمة الإقامة الذي تم فرضه منذ أشهر، وحملة الجوازات الصارمة لترحيل كل من لا يصحح وضعه، سيؤديان إلى تخفيف حدة الزحام المروري في شوارعنا عن السابق، فكثير من هؤلاء يقودون سيارات متواضعة وخربة، يشترونها ببضعة آلاف ويزاحمون الناس في الشوارع، لكن المسألة أكبر من ذلك كي نضمن الاستمرارية، والحل هو فرض رقابة مرورية صارمة، وشروط حازمة على من يُمنح رخصة قيادة في السعودية، أهمها برأيي وأتمنى أن يكون هذا على طاولة وزير الداخلية ومسؤوليه، هو فرض حد أدنى لرواتب كل من يحصل على رخصة قيادة من المقيمين الوافدين للعمل نحو ثلاثة آلاف ريال، ومن راتبه أقل لا يُمنح رخصة قيادة، والشرط الثاني: تحديد مهن معينة يتم منع أصحابها من الحصول على رخصة قيادة نحو مهنة عامل كعمال البناء والسباكة والحدادة وعمال المطاعم وغيرهم، وأيضا عدم منح أبناء الأسر الوافدة من الطلاب الذين وصلوا لسن قانونية رخصة قيادة، حتى يكونوا موظفين وتُطبق عليهم شروط المهنة والراتب، ويستثنى من ذلك من كانت أمه سعودية تزوجت بغير سعودي، غير ذلك فهم ممن يجب أن توفر لهم شركات العمل التي يعملون بها مواصلات تنقلهم، هذه الشروط ليست جديدة، فهناك دول خليجية تطبقها مثل الإمارات والكويت وقطر، ودول غيرها، ومثل هذا التنظيم القانوني سيؤدي إلى تخفيف الزحام كثيرا، بل وتخفيف نسبة الحوادث التي تعتبر فيها السعودية الأولى عالميا، وكم أتمنى إذا ما تم تطبيق هذه الشروط قريبا أن تكون هناك حملة مرورية قوية تشبه حملة الجوازات، ليخف أنين شوارعنا من الحوادث والزحام غير المبرر!
أخيرا، أؤكد على مسألة مهمة، فالزحام والترهل المروري في شوارعنا، لا يُبرران أبدا حرمان المرأة من حقها في قيادة السيارة، ففي إعطائها هذا الحق سيمكن من حصول المنفعة لها وللأسرة والمجتمع الكثير جدا مما تناولته في مقالات سابقة عن ضرورة قيادتها.