بدأت بـ'الفزعة' ورفضت منصب 'كبيرة الطهاة'
رانيا بامجلي أو كما تحب أن تسمي نفسها أم فهد، اسم صنع شهرته في عالم إعداد الحلويات ومناسبات الأفراح، ليس فقط في نطاق مدينة جدة، بل على مستوى مدن المملكة المختلفة، تخلت ـ وهي في منتصف العقد الثالث ـ عن الوظيفة، لتوجد لنفسها موطأ قدم في عالم المال والأعمال، ليس من أجل لقمة العيش، بل لتقدم أنموذجا في إثبات الذات، وكيفية تطوير الهواية الشخصية إلى مشروع استثماري يدار من باحة منزل الزوجية.
تقول رانيا: كان لدي شغف بعالم الطبخ، منذ أن كنت في سن السادسة عشرة، ودخلت هذا المجال من بوابة الفزعة بمساندة صديقاتي في مناسباتهن الخاصة، بإعداد أنواع من المأكولات وأطباق الحلويات، فكن يثنين على جودة ما أعده لهن، وتزايدت علامات التشجيع، لنفسها الطيب في الأكل، فبدأت أفكر في الاحتراف، إضافة لصناعة الأكل احترفت أم فهد تجهيز ديكورات وتوفير مستلزمات الاحتفالات بالمواليد، لتنافس بذلك كبريات المؤسسات الخاصة التي تبرع في ذلك.
العمل يأخذ كل وقتها، وليس لديها وقت للاتصالات الجانبية، عندما تحدثها في الهاتف ستكتشف تقدسيها لقيمة العمل، إذ تقول: عفوا خمس دقائق، وأحدثكم مرة أخرى، لأن معي زبونة تريد ترتيب مناسبة خاصة.
حينما قررت رانيا تأسيس مشروعها الصغير منذ سنتين، كانت تعمل موظفة في إحدى شركات الاستقدام، ولكنها قررت - بعد استشارات عدة - الاستقالة من وظيفتها، لقطع خط الرجعة بينها وبين الوظائف، والتفرغ لمشروعها الذي أوصلها ـ كما تقول ـ إلى الاستقلالية المالية.
ثلاثة أطراف يشجعونها ويدعمونها على الدوام، والداها وزوجها ماجد بخاري، وأطفالها الأربعة، الذين يكررون على مسامعها بين الفينة والأخرى عبارة: نحن فخورون بك.
لم تفكر بامجلي يوما بصندوق الموارد البشرية للتوظيف، وتقول بشكل مباشر دون مواربة: لن أعمل عند أحد بعد اليوم، ولا تكتفي بذلك، بل تذهب إلى مسافات أبعد، ناصحة الفتيات بالدخول في المجال الذي تعمل فيه، لأنه أكسبها إيجابيات متعددة أهمها تكوين العلاقات الاجتماعية، مشيرة إلى أن المشروع الخاص يمكن أن يكون هواية المرأة. أجندتها مليئة بمواعيد الحجز، إذ تغطي في المتوسط سبع حفلات زواج في الشهر، ويزيد الرقم في إجازة الصيف.
صديقتها أفراح علوي تقول لـالوطن: إن أهم ما يميز أم فهد أنها برعت في صناعة المأكولات بمختلف الأنواع، وتقديمها بطابع يضاهي تصميمات الطهاة العالميين، وهو ما أعطاها نقطة ضوء مهمة لتجاوز حدود محافظتها.
تقول رانيا إنها لا تشاهد برامج الطهي التي تتناثر في القنوات الفضائية العربية، ولا تقتني أيضا كتب الطبخ التي تمتلئ بها أرفف المكتبات، لأن لديها معادلة خاصة بها، محورها الابتكار والتجديد والتجريب، مشيرة إلى أن أذواق أسرتها وأهل زوجها وصديقاتها، بمنزلة ترمومتر الاختبار لكل جديد. استخدمت رانيا التقنية لإيصال منتجاتها للناس، تقول: مواقع التواصل الاجتماعي خاصة فيسبوك، من أدواتي التسويقية، التي فتحت لي مساحات رحبة لعرض صور منتجاتي في الطبخ أمام الملأ الإلكتروني، إذ فتحت صفحتي الخاصة بالموقع لي نافذة مهمة للتعريف بخدماتي، وتبدي بامجلي اعتزازها بتجربتها بجملة: جميع من يأتونني يعودون لي مرة أخرى، وذاك من توفيق الله.
أشار عليها عدد من أقاربها بفتح محل تجاري، ولكنها ترفض، وتصر على العمل من باحة منزلها مع عاملتيها الآسيويتين، حتى لا تهمل تربية أبنائها، وترى أن نجاحها المستمر أن تكون بجانب أبنائها، وبلغة واقعية تقول: أسرتي تأتي في المقام الأول. عرض عليها العمل في أحد الفنادق الكبيرة، بمنصب كبيرة الطهاة وبراتب مجز، ولكنها فضلت أن تصنع هويتها كامرأة سعودية ترغب في تسجيل ماركة عالمية تضاهي أكبر مقدمي خدمات المناسبات.