ظهرت في السبعينات والثمانينات أغنيات شعبية خليجية، وُضعت في زاوية الفن الهابط، ولم يلتفت إليها أحد، ثم عادت في زمننا هذا لتكون أغاني الموسم. هذا لا يعني أن الفن الشعبي القديم لم يخرج أغنيات غرست في ذاكرة الأغنية الشعبية، والأمثلة على ذلك كثيرة، فهل السبب هو فن التقديم أم فن التلقي؟
أغنية يا الاسمرانية من الأغنيات الشعبية التي بقيت حاضرة في مسيرة الفن، وتغنى بها الكثير من المطربين الكبار، وهي للفنانة الكويتية ليلى عبدالعزيز، وهذه الفنانة نفسها التي قدمت أغنية طني ورور، هذه الأغنية التي غابت في دهاليز الفن ثم عادت فجأة عبر جلسات وناسة، لتكون أغنية الجيل.
كان ذلك عام 1984، وبعدها بعامين غنتها المطربة الشعبية السعودية التي كانت تأخذ نصيبا من الشهرة في أوساط النساء في الرياض، فنانة الأفراح صالحة حامدية، بل إن هذه الأغنية تجاوزت الحدود ووصلت للسينما المصرية وغناها سعيد صالح بشكل مونولوج في فيلم حسن بيه الغلبان مع سمير غانم ويونس شلبي ولبلبة.
حسنا ما الذي أعادها اليوم، وكيف أصبحت طني ورور أغنية رائجة بهذا الشكل؟
ربما سنكتفي بالقول إن خروجها في جلسات وناسة كفل لها الحضور الصاخب، لكن السؤال: لماذا لم تأخذ حقها في الزمن الماضي، وما المقياس الذي كان يميز بين الأغنية الجميلة والأغنية الهابطة؟
بالاستماع إلى كلمات الأغنية، تجدها كلمات بسيطة أقرب ما تكون إلى الطقطوقة المصرية، وتعبر بشكل أو بآخر عن الطبقية الاجتماعية، وتقدم موقفا احتجاجيا: سيدي يركب الروزريز وأنا أركب هوندا ليه، فإما أن عودتها صاحبت ظهور مظاهر الاحتجاج في العالم العربي، أو أن الأغنيات الهابطة في الزمن الجميل صارت جميلة في الزمن الهابط.