يقول الشاعر اليمني عبدالعزيز المقالح، بمناسبة إنشاء أول مجمع للِّغة العربية في اليمن هذا العام: العناية باللغة العربية أصبحت هماً ضاغطاً لدى كثير من الأنظمة العربية، التي تريد الحفاظ على هويتها الروحية والقومية، فاللغة العربية تعاني الضمور والتراجع في المدارس والجامعات والإعلام. إن نعت المقالح للعربية بالضمور، هو أهون التوصيفات الاحترازية ضد عبثية المشهد، فهناك من يصمها بالعقيمة والمشوهة والناقصة، والجامدة والعاجزة عن استيعاب معارف العصر وعلومه، والقاصرة والمنحبسة عن التناسل والاشتقاق والتوليد، وهناك من يتساءل: متى تتلاشى اللغة العربية؟ تحقيقاً وانسجاماً مع ما قاله المستشرق الإنجليزي ويلكوكس: إن دراسة العربية الفصحى مضيعة للوقت، وموت هذه اللغة أكيد كما ماتت اللغة اللاتينية، وهناك من يطالب أهلها بإلغاء المثنى ونون النسوة وإسقاط سيبويه والذهاب إلى العامية، إلى جانب استشراء المستوطنات اللغوية الأجنبية على رأي رجاء النقاش، في كتابه هل تنتحر اللغة العربية؟، التي تتوارى فيها العربية وتحجبها لغات أخرى، ونلاحظ ذلك بسهولة، في الأسواق والمحلات التجارية والفنادق والمطاعم، وكل مساقات ومظاهر الحياة اليومية المعاشة، لماذا كل هذا القصف والإهمال والتفريط لأقدس لغة على وجه المعمورة؟ باعتبارها لغة السماء، يقول خليل مطران: إذا ما القوم باللغة استخفوا فضاعت ما مصير القوم؟ قل لي، ويقول شاعر آخر: لغة يهون على بنيها أن يروا يوم القيامة قبل يوم وفاتها، وكم أسعدني خبر صحيفة الشرق، الذي يذكر أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، تتجه للرفع للمقام السامي، مطالبة بإنشاء مجمع للغة العربية في المملكة؛ ليكون سداً أمام زحف العامية وتعديها على الفصحى، ولكون المملكة مصدر اللغة العربية الفصحى، وهي الآلة الرئيسة لنشر الإسلام، والمرجع الأساس فيها، ولتكتمل به حلقة المجامع اللغوية المنتشرة في بعض أقطار العالم العربي، وبيّن المصدر أنه سيكون على رأس مهام المجمع بيان أهمية اللغة العربية، ومكانتها وحمايتها وحراستها، والتصدي لما تتعرض له من تحديات وهجمات شرسة، هدفها الغض من شأنها، والحد من انتشارها وتشويهها، والتشكيك في صلاحياتها للتعبير عن مستجدات العصر، والحيلولة دون تحريفها، وتصحيح الأخطاء الشائعة في الألفاظ والتراكيب، وتعريب الألفاظ والمصطلحات الجديدة في العلوم والآداب والفنون والصناعات، ودراسة اللهجات والبحث في أصولها والحكم عليها قبولاً أو رفضاً، شكراً لوزارة الشؤون الإسلامية، فقد توقعتُ المطالبة تأتي من وزارة الثقافة وأنديتها الأدبية، أو وزارة التعليم العالي، أو مجلس الشورى!.