لا يوجد أقسى من النقد، ولا أجمل من التفاؤل.. وقليل من يقبل النقد دون إبداء عتب.. وأقل منه ما يبعث الأمل بـالتفاؤل.. لذلك نفرح كثيرا إذا ما حصلنا على ريح التفاؤل، حتى لو بعد رياح العتب.
التفاؤل: يعيد ترتيب الحياة، ويجدد الثقة بالنفس، ويزيل هم المعاناة.. وكلنا يبحث عن التفاؤل إلا أننا ننساه في زحمة المشقة والتعب.
انتقدت في هذا العمود أنظمة الخدمة المدنية، وقسوت؛ لأن معاناة الموظف قاسية وطويلة لقدم بعض أنظمة هذا الجهاز، واتهمت وزارة الخدمة المدنية بـالجمود، وطالبت بالتجديد والانتفاض على الأنظمة القديمة، ونقلت بعض الملاحظات على الأنظمة الوظيفية.. ولم أكن إلا طامحا بإيصال معاناة موظف.. وطامعا بتطور أحد أجهزة وطني.
لم يذهب نقدي في مهب الريح.. بل جاء بريح التفاؤل، ونادرا ما يولد التفاؤل من رحم النقد.. لكنها نادرة مفرحة.
علمت أن وزير الخدمة المدنية الدكتور عبدالرحمن البراك، يريد محادثتي عن مقالي الجمود من الديوان إلى الوزارة.. فأعدت قراءة المقال، وبحثت فيه عن خطأ قد يكون مدخل عتب الوزير؛ استعدادا لاتصاله، فخاب ظني، وكانت مكالمة الوزير للشكر على الاهتمام بمعاناة الموظف، فلم ينف أي ملاحظة أوردتها، ولم يتهم قلمي بالمبالغة، ولم يعتب بحرف واحد.. بل قال ما لم أقله في مقالي، وأكد لي أنهم في الوزارة يعكفون على تجديد الأنظمة وتطويرها؛ تنفيذا للأوامر السامية وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين.
علمت من الوزير أنهم يجمعون كل ما يكتب في الصحافة من ملاحظات على أنظمة الخدمة المدنية لا للرد عليها، بل لأخذها في عمليات التطوير والتجديد، وعلمت أنهم جمعوا كل ما كتب في الصحافة على مدى عامين وقاموا بدراستها، وأخذ ما فيها من ملاحظات لخدمة المواطن والوطن.. وللسعي إلى تأسيس أنظمة وظيفية على مستوى راق.
لم أفرح باتصال الوزير كما فرحت بطريقة تعامل وزارة الخدمة المدنية مع الإعلام، كونه شريكا منتقدا، لا خصما منتقما.
(بين قوسن)
العادة أن يبدأ المسؤول بالنفي ثم الإقرار، وهذا لم أسمعه من وزير الخدمة المدنية.. والعادة أن يطلب المسؤول نشر تجاوب إدارته، وهذا لم يحدث مع الدكتور عبدالرحمن البراك.. فقد طلب عدم نشر شيء عن الاتصال.. فأعتذر منه.