شركات دفعتهم للعمل لحسابها وجمع الأموال من أجلها
مع انطلاق الكثير من الشباب لخدمة مجتمعهم عبر الأعمال الخيرية، بدأت العديد من السلبيات في الظهور لتحبط هؤلاء الشباب وتقلل من عزمهم على مواصلة العمل، كان أبسطها عدم تفهم الكثيرين لطبيعة ما يقومون به لخدمة وطنهم ونظرة الكثير لهم بعين الريبة أو عدم الارتياح، واتهام البعض لهم بالبحث عن الشهرة، أما أسوأ ما تعرض له هؤلاء الشباب كنتيجة مباشرة لعدم تنظيم عملهم أو تبني جهودهم من خلال جهات رسمية هو استغلال بعض الشركات وأصحاب المصالح لجهودهم وحماسهم وتوجيههم للعمل لحسابهم الخاص تحت غطاء العمل الخيري الذي خدع الكثير منهم.
ويقول حاتم عبدالله المخلافي أحد أعضاء مجموعة الرونق: اتجهت للعمل الاجتماعي لاستغلال الوقت فيما يفيدني ولأكتسب الخبرات من خلال الاندماج مع كافة طبقات المجتمع المختلفة، إلا أنني صدمت بشركات ومؤسسات تتاجر بهذ العمل الإنساني، حيث إن بعض المؤسسات التي تروج لأعمال خيرية تستغل تجمع الشباب وتحرص على أن يحملوا شعارها كنوع من الدعاية والإعلان، وهو ما لم يتقبله خصوصاً أن مقصده من العمل التطوعي كان خدمة المجتمع وليس من أجل خدمة الدعاية والإعلان للمؤسسات. وأشار المخلافي إلى أن من أبرز المعوقات التي يواجهها فريقه في العمل أيضا نظرة المجتمع القاصرة لمعنى التطوع، مبيناً أن بعض أفراد المجتمع وصف تشكيل الفرق التطوعية والعمل الميداني بالمتسكعين. وعن أبرز الأعمال التي شارك فها المخلافي، قال: مهرجان الألوان بجدة القديمة البلد والاحتفال مع أيتام جمعية البر وتنظيم مارثون موبايلي وحملة الكتاب في جمعية البر والعديد من الحملات الترفيهية للأطفال.
وتقول هيفاء علاء متولي إحدى مؤسسات مجموعة الرونق التطوعية بالمدينة المنورة إنها اتجهت للعمل التطوعي لتساهم في تلبية احتياجات اجتماعية ومعالجة بعض القضايا التي يعاني منها المجتمع (المديني) كنوع من المبادرة الإنسانية من أجل منفعة الغير، إلا أنها صدمت بتسرب كثير من المحبين للعمل التطوعي. وأرجعت أسباب عزوف الكثير من الشباب عن العمل التطوعي إلى النظرة الاجتماعية الخاطئة لممارسة هذا العمل وضعف ثقافة المجتمع بمفهوم التطوع، لافتة إلى أن العمل التطوعي جزء أساسي من العمل الاجتماعي.
وأوضحت متولي التي كانت تقود فريقا من المتطوعين أن كثيرا منهم توقف لعدم وضوح وشفافية بعض المؤسسات التي كانوا يتعاملون معها، بالإضافة إلى عدم إدراك الآخرين للمعنى الحقيقي لهذا العمل؛ حيث يواجه الكثير من الشباب وخصوصاً الفتيات رفض أسرهن لهذا العمل.
وبينت متولي أن من أبرز الأعمال التطوعية التي قامت بها هي تنظيم مجموعة الرونق لمهرجان أرامكو السعودية الثقافي الصيفي لعام2012، وتنظيم حملة جمعية الأمراض المزمنة ومشروع الخاطر الخيري للأيتام، بالإضافة للعديد من الحملات التوعوية الطبية للأمراض الشائعة في المجتمع.
وأكدت متولي أن نظرتها للعمل التطوعي في المستقبل ترى أنه سيتطور كثيراً وسيكون استثمارا كبيرا جدا لوقت وطاقات الشباب من مختلف الأعمار، وتشجيعا لتنمية المهارات وتطويرها، ويقوم بصفة أساسية على الرغبة والدافع الذاتي من أفراد المجتمع بصورة فردية أو جماعية.
أما أحمد حمزي الذي يعمل ضمن فريق للعمل الخيري فيحكي عن قيام إحدى الفتيات التي كانت تروج لإحدى المؤسسات الناشئة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتنظيم فريق عمل خيري، وأنه اتجه للانضمام له فوجد الفريق مكونا من أكثر من 30 متطوعا من الجنسين، وطلب منهم تغليف كميات كبيرة من عبوات المواد الغذائية تمهيداً لتوزيعها بشكل خيري على عدد من الأحياء العشوائية بالمدينة، غير أنه بعد عمل متواصل لأكثر من 15 يوماً، طلب من الجميع التوقف عن العمل وسط غموض يكتنف مصير تلك العبوات. وفي موقف آخر أكثر تعقيداً يقول حمزي عادت منظمة الفريق للتواصل مع أعضائه وإعادة تنظيم صفوفه، وأخبرتهم عن قيام المؤسسة الناشئة بتنظيم زيارات ميدانية لبعض رجال الأعمال والمؤسسات الأخرى، ووزعت عليهم فانيلات و سديري تحمل شعار المؤسسة. وقال طلب منا أن نقوم بعمل زيارات ميدانية لبعض المؤسسات ومكاتب رجال الأعمال لحثهم على دعم العمل التطوعي، ويقول توقفنا عن العمل الميداني مع نهاية اليوم الأول عندما لم نجد تفسيرا مقنعاً لما نقوم به أو من المستفيد الحقيقي من ورائه.
وتقول سارة سيد: إنها اتجهت للعمل التطوعي لاستغلال وقت فراغها بما يفيد مجتمعها إلا أنها تواجه صعوبات ومضايقات في هذا العمل من عدد من القريبين منها الذين لم يتفهموا الدور الاجتماعي لهذا العمل الخيري، ومنهم من اتهم القائمين على تلك الأعمال الخيرية من الشباب والفتيات باتخاذها سبيلا للشهرة، ومثل تلك الاتهامات تساعد بشكل كبير في إحباط عزيمة الإنسان.
وأكدت سارة التي عملت مشرفة في مهرجان أرامكو الصيفي أنه بجانب الفهم الخطأ لذلك النوع من العمل، فهناك كثيرون يقومون باستغلال راغبي العمل التطوعي من المؤسسات والشركات الناشئة مستغلين طاقة الشباب لصالح الترويج والدعاية لشركاتهم، وهو ما لاحظته عند عملها ضمن فريق تطوعي قامت للترويج عنه إحدى المؤسسات في المدينة المنورة.