هناك أزمة احترام يعيشها بعض أطراف المجتمع تتمثل في استغلال وسائل التواصل الاجتماعي للهجوم على دولة أو شخصية، بطريقة لا يمكن وصفها إلا بالمسيئة والخارجة عن الآداب العامة والأخلاق والمثل الدينية.
وهنا، لست أصف من يستخدم تلك الوسائل للنقد البناء، أو حتى الشديد منه ولكني أخص هؤلاء الذين يتجاوز نقدهم الهجوم بكل أنواع الشتائم والتوصيفات اللا أخلاقية على أشخاص أو دول أو منظمات..
أعلم أننا كلنا نتحمس في النقد ونستخدم ـ أحيانا ـ لغة قد يراها الطرف الآخر خارجة عن المقبول، إلا أننا هنا ولأجل أن يكون الحكم عادلاً، فإنني سأدلل على ما أقصده بأنه (أي تجاوز لفظي يحاسب عليه القانون باعتباره قذفاً أو اتهاماً جنائياًّ أو أخلاقياًّ)، وبالتالي، فإن الخلاف سيكون محسوما بين ما نعده استخداما للغة بشكل مرفوض وبين ما يمكن أن نعده نقدا وهجوما مقبولا.
حزنت كثيرا للهجمة التي شنها أحد أساتذتي في الجامعة، والذي زاملته كذلك قبل سنوات معدودة في الحوار الوطني حول الإعلام، وأقصد بذلك الدكتور محمد الحضيف، الذي شن ـ ولأسباب لا أفهمها ـ هجوما غير مبرر على دولة الإمارات العربية المتحدة، واصفا إياها بصفات لا يمكن أن يقبل أن توصف بها بلاد أي مسلم، وهي صفات فيها كثير من التجني والانتقائية والتوجيه السياسي، الذي يتحرك من الاختلافات الواضحة بين قناعات الدكتور الحضيف الفكرية، ومواقف دولة الإمارات العربية المتحدة من الانقلاب أو الثورة ـ سمها كما تشاء ـ والتي جرت مؤخرا في جمهورية مصر العربية.
لم يكن لأجواء الحرب الإلكترونية الاجتماعية التي شنها الدكتور الحضيف ومناصروه إلا أن ألهبت حماس المخترقين الإلكترونيين الإماراتيين، فقاموا بهجوم معاكس عبر اختراق حساب الدكتور في تويتر، ليتحول المهاجم إلى أسير حسابه عبر بث تغريدات وإعادة تغريدات لعشرات العبارات التي تسيء للحضيف وتدافع عن دولة الإمارات، ولتتحول الأجواء التويترية إلى ساحة ـ خفنا ونخاف ـ أن تتحول إلى موقعة ملاسنة لا يحمد عقباها يشعلها متطرفو الطرفين وينساق معها بعض المغرر بهم ممن (يطيرون بالعجة) كما يقال.
تجاوز الدكتور الحضيف كان صادما بالنسبة لي، خصوصا وأني أعرفه شخصيا ولمست منه دائما ذلك الإنسان المتواضع والشخصية الودودة والخلوقة، وكنت آمل أن يتريث ويحسب للجيرة والأخوة والمصلحة العليا للشعبين الشقيقين، قبل أن ينطلق بهجومه غير المبرر وغير المقبول.