يحظى الـمصدر مسؤول الذي ترد على لسانه بعض المعلومات والأخبار الصحفية؛ باهتمام غالبية المسؤولين الذين تتعلق بهم تلك الأخبار، وهذا أمر طبيعي.
الأمر العجيب؛ أن اهتمام البعض يصل إلى حد إهمال القضية التي يحملها الخبر، وتركيز بحثهم وتقصيهم على اكتشاف ذلك المصدر الذي سرب أخبار الخلل في إداراتهم.
يعجز أولئك المسؤولون عن فهم واستيعاب قدسية المصدر الصحفي – إن صح التعبير – في عالم الصحافة، وكونه يمثل شرف المهنة وممارسيها، لأنهم بالأساس لا يعون القيمة الحقيقية للصحافة.
الصحافة السعودية تحظى بهامش جيد من الحرية، وهذا ما جعلها ركيزة أساسية في التنمية ونشر الوعي ومحاربة الفساد، وهذا ما يعزز المطالبة بحمايتها من أي تجاوزات تحد من فاعليتها.
أعود إلى قضية المصدر التي ما زالت بعيدة عن استيعاب الكثير من المسؤولين، وأدعوهم إلى إعادة قراءة قصة ووتر جيت، تلك القضية التي أطاحت بالرئيس الأميركي نيكسون، بعد أن كشفت صحيفة واشنطن بوست عبر مراسليها كارل برنستين، وبوب وودورد عملية التجسس على الحزب الديموقراطي.
خرجت المعلومة التي حصل عليها الصحفيان، والتي كشفت عملية التجسس؛ من مصدر مسؤول ظل طي الحماية والكتمان – بموجب النظام – رغم كل الضغوط التي مورست لكشف شخصيته، لأن المهم في القضية ليس المصدر وإنما المعلومة التي سربها.
التزم الصحفيان بالمحافظة على سرية المصدر، الذي رمزوا له بلقب ديب ثروت واحترم الجميع حقهما الأخلاقي في ذلك، وبعد مرور نحو 30 عاماً وتحديداً في عام 2005 كشف النقاب عنه ليكتشف الجميع بأنه نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية مارك وليام فلت.
أخيراً.. احترام العمل الصحفي ونظامه وأخلاقياته من قبل المسؤولين هو دليل على احترامهم للنظام بالمجمل، وتجاوزهم لضوابط وآلية التعاطي مع قضايا النشر، هو دليل أيضاً على عدم التزامهم بالنظام.