الخوف هو مجرد وهم لا وجود له، أنت أنشأته بنفسك.. الخوف لا يوجد إلا في عقلك. إزالة الخوف من عقلك تعني إزالته من حياتك، وأعلى شكل من أشكال الجهل، هو عند رفض شيء لا تعرف عنه أي شيء، لهذا نجد أنه من المتعارف عليه أن أي إنسان سيتبع حدسه ويرفع رأسه ويخرج من سجن الخوف إلى غير رجعة سيكون مُدانا ومُتهما من قِبل الفاشيين النفسيين، أي من يلعبون على نفس الإنسان بالخوف والترهيب. وانتبهوا، فهؤلاء الفاشيون قد يكونون من العائلة والأقارب والأصدقاء والأصحاب وأساتذة الجامعات وأصحاب العمل، ممّن يصعّبون على الإنسان كونه مختلفا، بل ويحوّلون حياته إلى جحيم. في أي مكان تريد أن تعمل فيه ممنوع عليك أن تكون مختلفا، أن تعبّر عن رأيك الخاص، يجب أن تكون كما يريد صاحب العمل، ومن خطط لنظام العمل في كل مكان أنت محكوم بشروط عقلية؛ لأن البشر يجب أن تظل نسخة واحدة، تعمل وفق مخطط عقل مدير واحد من المهد إلى اللحد، وقد ساعدت البرمجة الجينية والتلاعب بالعقول وتشفيرها على هذا. تماما كما حدث في فيلم ماتريكس وهذا فيلم مهم جدا جدير بالمشاهدة؛ لأنه يرمز لكل ما حدث ويحدث.
إن السواد الأعظم من الناس يحيون حربا رهيبة داخلهم، بين ما يفكرون فيه وما يشعرونه، بين الفكر والإحساس، بين ما يخبرهم رأسهم بأن يفعلوه، وما يدفعهم إليه حدسهم وإحساسهم كي يفعلوه. وفي كل مرة، يفوز العقل ويكون هو الرابح، يستخدم وسائل التخويف والترهيب والتحذير… لكن إلى متى؟ في كل مرة يكسب العقل؛ لأنه وفي مجتمع كهذا مبني على العقل، على زرع الأفكار النمطية، يبدو الأمر أسهل وأكثر أمنا. فمجرد أن يفرض النظام قواعده من خلال أجهزة التعليم والعلم والطب والإعلام، سيتحوّل المفكرون الأحرار والمتمردون إلى مجانين يدانون ويُتهمون على جريمة كونهم مختلفين، وعلى تحديهم لرؤية النسخة المعدلة للحقيقة، تلك النسخة القاصرة الغبيّة.
منذ بدء الحضارات صار الإنسان يفكر ويدبّر حتى يكون متحضرا، ومن هنا وضعنا أولى خطواتنا على سلم التخويف والرفض للذات، فعاش الإنسان بهذا صراع إخفاء مشاعره وأحلامه التي كانت تختلف عما صب في وعيه، ومن هنا جاء الكبت والخوف.
الحكمة تقول: اجلس أمام الحقيقة وكأنك طفل صغير، كن مستعدا للتخلي عن كل أفكارك المسبقة وإلا فلن تتعلم شيئا. وكي يتوصل المرء إلى الحقيقة، ينبغي عليه مرة واحدة في حياته أن يتخلص نهائيا من كل الآراء الشائعة التي تربى عليها وتلقاها من محيطه، ويعيد بناء أفكاره بشكل جذري من الأساس.