منذ بدء الثورة في سورية، ظهر على الفضائيات السورية، نوع من التقارير الإخبارية في ظاهرها، بينما هي في واقعها مقالات مكتوبة بأسلوب أدبي رفيع، تُقرأ وتضاف إليها الصور المناسبة، لتكون معبرة عن رأي النظام، ثم تبث في نشرات الأخبار الرئيسة، أو في أثناء البرامج الإخبارية المهمة، لتوجه الرأي العام إلى الاتجاه الذي يريده له إعلام الدعاية السوداء.
كنا نظن أن هذا النوع من التقارير التلفزيونية مقصور على الفضائيات السورية الرسمية، لكن المدرسة الجديدة في إعداد التقارير امتدت، وصار لها أتباعٌ ومريدون، لتصل إلى قنوات إخبارية ذات تاريخ وتأثير، وتصبح مقالات الرأي ـ بقدرة قادر ـ تقارير إخبارية تلفزيونية متعلقة بالحدث، وموجهة له نحو الوجهة التي يريدها هذا الحزب السياسي أو ذاك.
هي تقارير لا تقول للمشاهد بكل تجرد: هذا هو الحدث الآن، وهو المطلوب دون أي زيادات، ودون أن يتحول التعليق الصوتي إلى ما يشبه البيان، لكنها تقول: الحدث الآن كما نريد أن نراه، أو كما نريد أن تروه، بطريقة تستفز مشاعر المحايدين، وتجعل المرء يتساءل عن أسباب كل هذا التطرف والانحياز اللذين يتناقضان مع أيسر القواعد المهنية.
أول من أمس، كانت محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري، وبعدها بساعات بثت الجزيرة تقريرا إخباريا يحاول ـ بكل الأساليب اللغوية، ودون أي معطيات ـ أن يقول: إن السلطات المصرية هي التي دبرت الحادثة لحاجات في نفوس يعاقيبها!
لم يخجل كاتب التقرير من العيوب المهنية الكثيرة التي يتسم بها تقرير كهذا، ولم يحاول إيجاد دلائل أو لقاءات تعزز رؤيته التي جعلها مدار التقرير، وإنما اكتفى بتبني الرأي وصياغته بلغة إنشائية معجبة، ثم بثه، ليكون متوافقا مع تغريدات بعض قياديي القناة، فأي إعلام هذا؟! وأي أخبار هذه؟!