الإنتاج الإعلامي الضخم الخاص بشهر رمضان، أشبه بسفرة الإفطار في أوائل الشهر الفضيل. لا يمكن لمعدة الصائم في لهيب الصيف الحارق أن تستوعب جميع الطبخات التي تم إعدادها بعناية فائقة من سيدات المنزل، ولهذا تُلتهم بقية هذه الأكلات عادة بعد صلاة التراويح في استراحة مهاجم.
هذا الواقع السفرجي، ينطبق تماما على كمية المسلسلات والبرامج في القنوات الفضائية، إذ لا يمكن لفرد أن يجمع بين العبادة والترفيه معا، ولهذا يرجئ الكثيرون بعض المسلسلات إلى أن تأخذ دورتها بعد شهر الصوم والإعلام.
لعلي أحد المتابعين لرائد الفن العربي عادل إمام في مسلسله: العراف، الذي كان يحتوي على عنصر التشويق منذ حلقته الأولى، بينما المسلسلات الخليجية لا جديد ولا حولك أحد.
في العراف، البطل باختصار استطاع أن يكذب بعمق ويصدق نفسه، وصولا إلى تحقيق مراده، كما كانت له قدرة هائلة على أن يوظف الأحداث المحيطة إلى حيث يريد. عادل إمام في المسلسل هو لص محترف ومحترم في الوقت ذاته، إذ كان نتاج خطيئة مجتمع بعد علاقة عابرة بين زوجين، وبالتالي كان المربي هو الشارع، أما كونه محترما، فبعد عودته لأبنائه الخمسة غير الأشقاء؛ كي يتلمس احتياجاتهم ويوفق بينهم أسريا.
هناك من تعاطف معه للجانبين، ولعل الجميل في الأمر أن الغالبية كانوا ينتظرون النهاية المتوقعة والمتكررة وهي سقوطه في يد العدالة، ولكن استمر البطل كما بدأ ،يتلو الكذبة وراء الكذبة.
العراف كشخص نجح في تحقيق غاياته؛ لأن الأرض خصبة لتلك الممارسات؛ ولأنه لا يعمل لوحده، بل يتشارك مع نافذين عروقهم في الأرض. إذا كانت فكرة الدولة العميقة مشابهة لمقولة: دولة داخل دولة، فإن عادل إمام كان كذلك.