حين يسطو أحدهم على جهد فكري لغيره، وينسبه إلى نفسه، فإن التبرير بحسن النية ينتفي هنا، ما دام السارق لم يشر من قريب أو بعيد لصاحب الفكرة أو المادة المسروقة، كما في حالة سطو أحد الصحفيين على مقال منشور في الوطن للزميل الكاتب سعود البلوي، فالسطو حدث عن عمد وإدراك بالفعل، ظناً من الفاعل أن بعد المسافات لن يكشف السرقة.
الجميل في الزميل سعود، أنه أصر على متابعة القضية ليس من أجل نفسه وإنما من أجل ردع كل من يمكن أن تسول له نفسه القيام بفعل مماثل، فالمسألة ليست فردية بقدر ما هي مسألة حقوق فكرية لا بد من العمل على حمايتها في مختلف القضايا المرتبطة بها كما أخبرني في اتصال هاتفي بيننا الأسبوع الماضي كان هو المبادر فيه بروحه الجميلة، وعرجنا خلال الحديث على موضوع السطو المشار إليه.
إشكالية الملكية الفكرية؛ أنها مصطلح ما زال مبهماً لدى الكثير من الناس، لذلك فإن نشر ثقافة الملكية الفكرية وقوانينها على المستوى المحلي والعربي بات ضرورياً جداً عبر توظيف وسائل الإعلام بأنواعه لعل تلك الثقافة تصبح بديهية لدى الجميع، فالمشكلة تتخطى عامة الناس إلى النخب، فمن كان يتخيل أن ناقداً أكاديمياً من الجزائر يسرق أجزاء كثيرة من كتاب نقدي للدكتور عبدالله الغذامي، ويضمنها في كتاب له فاز فيه بالدورة الرابعة (2008 – 2009) من جائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الآداب؟ مما جعل أمانة الجائزة بعد انفضاح أمر السارق تسحبها من الأكاديمي، لأن الكتاب بحسب بيان مسؤولي الجائزة الصادر في أكتوبر 2010 قد ساده منهج في عرض مادة النقد الثقافي تجاوزت حدود الاستشهاد والاقتباس، وتحولت في سياقات عدة إلى الاستحواذ على جهد الآخرين مضموناً ونصاً.
بعض من ينتهكون حقوق الملكية الفكرية ما زالوا يفكرون بعقلية قديمة تحسب أن من في المشرق العربي لا يعرف ما يدور في المغرب العربي أو العكس، أو كما في حالة مقال الزميل البلوي المنشور في الوطن ومقرها جنوب المملكة، وواقعة السطو حدثت في الشمال في تبوك.
ربما لا يخطر على بال كثير من لصوص الفكر أن انكشافهم بات سهلاً في زمن تطورت فيه التكنولوجيا ومحركات البحث على الإنترنت، وإن لم تكتشف السرقة بعد أيام، فإنها سوف تظهر لاحقاً، فالخطأ يصعب استمراره، والحقوق التي وراءها من يطالب بها لا يمكن أن تضيع.