مرض السكري قد يتسبب في أمراض أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم وما يترتب عليه من مشكلات صحية، أو أمراض العيون، والكلى، أو التهابات الجروح المزمنة

مرض السكري من الأمراض التي تعاني منها جميع المجتمعات في وقتنا الحاضر، وتختلف درجة المعاناة من مجتمع لآخر، وذلك نتيجة لعدد من العوامل المرتبطة بهذه المجتمعات مثل المستوى الثقافي في هذه المجتمعات، والمستوى التعليمي، أو عاداتها الغذائية، أو الأنشطة اليومية التي يقوم بها أفراد هذا المجتمعات، أو التمارين الرياضية التي يزاولونها، وغير ذلك من العوامل الأخرى، ونتيجة لذلك تنفق العديد من الدول مبالغ مالية كبيرة مقابل معالجة حالات المصابين بالسكري، ورعايتهم، ومتابعة وضعهم الصحي، ويختلف معدل الإنفاق على الفرد المصاب من دولة لأخرى، فنجد أن أميركا تنفق حوالي 35000 ريال سعودي سنويا على الفرد الواحد، وفي المملكة يتم إنفاق حوالي 6000 ريال سنويا على الشخص الواحد، وفي آخر إحصائية وصل عدد المصابين بالسكري في المملكة إلى ثلاثة ملايين وأربعمائة ألف مصاب في نهاية عام 2012، وذلك كما ورد في إحصاءات الاتحاد العالمي للسكري، وهذا للحالات المعروفة، أما الحالات التي لم تُكتشف فهي كثيرة.
وفي آخر تجمع طبي علمي في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية لعدد من الأطباء المتخصصين في أمراض الغدد الصماء وأمراض السكري في الأيام الماضية كان هناك إحصاءات مزعجة عن مرض السكري في المجتمع السعودي، فقد أشارت نتائج بعض البحوث والدراسات إلى أن هناك زيادة كبيرة في عدد المصابين بهذا المرض سنويا تقدر بنحو 150 ألف حالة مرضية جديدة سنويا، وهذا الرقم مخيف جدا، وهذه الزيادة تشمل جميع الفئات العمرية من 20 إلى 80 عاما، وكان الاعتقاد في الماضي لدى كثير من الناس أن مرض السكري لا يصيب إلا كبار السن، وهذا التصور غير صحيح، ففي الإحصاءات الحديثة يتضح أن حوالي ثلث المصابين بالسكري ممن عمره 30 سنة فأكثر، وهذه النسبة بحاجة لوقفة من المسؤولين في وزارة الصحة بالدرجة الأولى في معالجة ومتابعة الحالات المصابة بالسكري، ونشر الوعي الصحي السليم بين المواطنين والمقيمين، وبحاجة لجهود كبيرة من العاملين في المجال الإعلامي بمختلف وسائله وأدواته، ومن منسوبي وزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي، ومختلف الأجهزة الحكومية الأخرى في مجال نشر الثقافة حيال هذا المرض، ورفع مستوى الوعي تجاهه.
والمشكلة أن مرض السكري قد يصاحبه، أو قد يتسبب في أمراض أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم وما يترتب عليه من مشكلات صحية، أو أمراض العيون، والكلى، أو التهابات الجروح المزمنة، أو ما يعرف بأمراض القدم السكري التي تؤدي في النهاية إلى بتر الأصابع، أو القدم، أو الرجل كاملة، ولعلنا نتخيل ما يترتب على هذه الأمراض من مشكلات نفسية على الشخص المصاب بمرض السكري، أو أسرته التي تقوم برعايته، ومتابعة حالته مع الجهات الصحية، وهنا أعتقد أن نسبة الإصابة بالسكري في المجتمع السعودي في السنوات القادمة ستزيد بنسب كبيرة جدا بين صغار السن نتيجة للعوامل الوراثية، أو لنوعية الغذاء الذي يتناولونه خاصة الأغذية التي تحتوي على السكريات، والدهون، أو لعدم القيام بالحركة والأنشطة التي قد تسهم في التخفيف من الدهون، والسكريات في الجسم، وهذا يتطلب من وزارة الصحة أن تقوم بحملة إعلامية توعوية مستمرة طوال العام وتخاطب في مختلف شرائح المجتمع من خلال خطة إستراتيجية واضحة المعالم، ومتنوعة الوسائل بحيث تشمل أفلاما، ومحاضرات، وندوات، ومؤتمرات، وملصقات، ونشرات تثقيفية، ويتوقع من وزارة الصحة أيضا أن تدخل في شراكات مع وزارة التربية والتعليم، ومؤسسات التعليم العالي، والقطاعات الأخرى المختلفة، ومؤسسات المجتمع المختلفة فيما يخص نشر الثقافة الصحية بشكل عام، والتوعية فيما يتعلق بمرض السكري؛ لأنني أرى أن الوقاية من السكري في البداية خير من العلاج منه، كما يتوقع من هذه الجهات أن تتعاون مع وزارة الصحة بشكل كبير في هذا المجال، وألا يتوقف الأمر عند الأيام الصحية المخصصة لبعض الأمراض، فمن الموقع أن يكون هناك حملات توعوية، وبرامج تثقيفية مستمرة طوال العام حتى يتم رفع مستوى الوعي الصحي بمرض السكري بين أفراد المجتمع، وأنا على يقين أن هذه الجهود في حالة تكثيفها ستعمل على تراجع حالات الإصابة بالسكري، وترفع درجات الوعي في التعامل الصحيح معه، والمتوقع من وزارة الصحة أن تعمل على زيادة مراكز السكري في مناطق ومحافظات المملكة، والتأكيد على هذه المراكز ألا يقتصر دورها على الدور العلاجي، ومتابعة الحالات المصابة، بل يشمل الدور الوقائي، والتوعوي، حفظ الله آباءنا، وأمهاتنا، وأولادنا، وبناتنا من كل داء، ومتعهم الله بالصحة والعافية، وكفاهم الله مرض السكري وما يصاحبه من أمراض أخرى.