أستعيد من الذاكرة عبارة سبق أن نشرتها هنا من قبل.. أذكر قلت له قبل سنوات إن الناس غاضبون منه بسبب الحد الكبير من التأشيرات..
أستعيد من الذاكرة عبارة سبق أن نشرتها هنا من قبل.. أذكر قلت له قبل سنوات إن الناس غاضبون منه بسبب الحد الكبير من التأشيرات.. فقال: سيقولون يوما ما:غازي القصيبي كان معاه حق..
كانت وتيرة الغضب وقتذاك في أوجها، فالرجل أغلق صنبور الاستقدام وتصدى للمهمة الوطنية الكبرى.. كان الاستقدام في بلادنا أشبه بالتجارة.. بل هو تجارة!
كان الرجل ـ بوطنية مفعمة ـ يرفض منح تأشيرة استقدام لمهنة يستطيع السعودي القيام بها.. لك أن تتخيل النتائج حينما تواجه بمفردك إلحاح المجتمع من جانب.. ومافيا التأشيرات من جوانب أخرى .. كانت مهمة شاقة، فالعاصفة كانت أقوى منه أحياناً.. لكنه لم يستسلم!
عاش مرفوع الرأس.. ومات مرفوع الرأس.. صفحةً مشرقة من صفحات هذا الوطن العظيم..
عاش رمزا وطنيا شامخاً قلّما يجود الزمان بمثله..
أفزع الكثيرين حينما رثى نفسه مبكراً: يا بلاد نذرت العمر زهرته.. لعزّها.. دمتِ.. إني حان إبحاري.. مات واقفاً.. وقلة هم الذين يواجهون الموت بشجاعة، فالموت له رهبة..
غادرنا.. نعم.. لكنه ما يزال حياً في ذاكرة الناس.. في ذاكرة الوطن الذي بذل صحته ووقته من أجله في الداخل والخارج.. لم تغيّره المناصب المهمّة العديدة ولا المواهب المتعددة ولا تألّقه السياسي ولا حضوره الثقافي والشعري ولا مكانته الإدارية والاجتماعية.. فقد عاش متواضعاً محبوباً .. وهذه خصلة نادرة.. لقد فرض احترامه على الجميع وأولهم خصوم الأمس..
غادر القصيبي هذه الحياة الفانية محباً لقاء ربه، مردداً: أحببت لقياك.. حسن الظنّ يشفع لي.. أيُرتجى العفو إلا عند غفار؟
رحم الله ذلك الرمز الوطني.. وغفر له.. وجمعنا به في الفردوس الأعلى..