- أنْ تدعي أنك ذو رأي مستقل، وأنك تصدر عن مبادئ آمنت بها عن قناعة خاصة، بينما أنت ـ سرا أو جهرا ـ تنتمي إلى تنظيم، فإنك توهم نفسك قبل الآخرين بذلك؛ لأنه لا يمكنك أن تستقل برأي، أو تتخذ مبدأ، سوى المبادئ العامة للتنظيم، ولأنك ستتجاهل كل القيم والمبادئ إذا تعارضت مع مصلحة التنظيم، فضلا عن أنك لن تستطيع أن تقدم على أي فعل سوى الأفعال التي تخدم التنظيم وتحقق أهدافه، فكن صادقا مع نفسك، ولا تنسب إليها ما لا يصلح لها، وتمثل ـ بعد التحوير ـ بقول الحطيئة: دع المبادئَ لا ترحل لبغيتها... واقعد فإنك أنت التابع الأعمى، أو بقول دريد بن الصمة: وهل أنا إلا من غزية إن غوت... غويت وإنْ ترشد غزية أرشد.
- أنْ تدعي أنك مجاهد في سبيل الله، وأنت تصوب بندقيتك إلى أبناء ملتك ووطنك، ونحو الأبرياء، وتهدد بتدمير المنشآت، واغتيال الشخوص، فيما لم يسجل لك تاريخك أنك صوبت بندقيتك صوب عدوك الحقيقي قط، فأنت تصف نفسك بمصطلح أسمى منك ومن فعلك؛ لأنك لست سوى مسلح حانق على الحياة والأحياء، فكن مسلحا أو قاتلا، وقف عند إحدى هاتين وحسب.
- أن تدعي أنك شاعر أو روائي أو قاص أو فنان أو ناقد أو باحث، ولا مُنجز لك سوى انتقاص نتاج الآخرين، والقدح في شخصياتهم، والتهوين من منجزاتهم الإبداعية أو العلمية، بل والوقيعة بينهم وبين خلق الله من خلال تشويههم، واتهامهم بما لم يقولوه أو يفعلوه، فإنك لست هذا أو ذاك، وإنما أنت ذاتٌ ضائعة، سارت في طريق ليست لها، ولم تستطع العودة إلى طريقها الأولى، ولذا يتحتم عليك أن تطور أدواتك لعلك تكون في الدرك الأسفل من المبدعين على الأقل، أو دع ما لم تخلق له لأهله، وابق في حجمك، وسر في طريقك الأولى لتنجح إن أردت.
- أن تدعي الرغبة في الإصلاح، ومقاومة الفساد، وأنت لا تفعل سوى الكلام عن بعد، ولا تحسن غير النقد السوداوي المطلق، سواء أحسن الآخرون أم لم يحسنوا، فإنه لا يهمك الإصلاح، ولا تهمك جودة الأفعال والمشروعات، بقدر اهتمامك بأن يقول الآخرون عنك إنك قلت، وإنك لم تسكت، ولو كنت راغبا في الإصلاح والجودة لأقدمت على ما يمكنك النهوض به من أعمال العمل العام، وفعلت أكثر من القول.
- أن يدعي أحد أنه مقصود دون سواه ببعض فقرات هذا المقال، فهو واهم؛ لأن المضمون - هنا - صفات عامة.
- أن أدعي أنني سالم من بعض ما حواه هذا المقال، أو ما يشبه بعضه، فأنا كاذب؛ لأنه لا كامل إلا الله سبحانه.